زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسى للصين، اليوم، هى الثالثة له منذ توليه رئاسة مصر، فقد زارها قبل ذلك مرتين فى عامى 2014 و2015، شهدت الأولى إعلان تأسيس الشراكة الاستراتيجية بين البلدين فى مختلف المجالات، بينما قام الرئيس الصينى شى جين بينج بزيارة مصر فى يناير الماضى، الذى صادف الذكرى السنوية الـ 60 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
السيسى يشارك فى قمة العشرين، بناء على دعوة من الصين، وستكون المشاركة مناسبة طيبة ليلتقى الرئيس بالعديد من قادة العالم، كما أنها فرصة مهمة لكى يواصل الرئيس مناقشاتها مع المسؤولين الصينيين حول ما تم الاتفاق عليه من مشروعات واتفاقيات تعاون مشتركة جرى التوقيع عليها خلال الأشهر الماضية، أو البحث عن مجالات تعاون جديدة، خاصة أن هناك اهتماما صينيا بالاستثمار فى مصر، وتحديداً فى محور تنمية قناة السويس.
بالنظر إلى العلاقات المصرية الصينية، سنجدها وطيدة وتاريخية وممتدة، فقد كانت مصر من أوائل الدول العربية والأفريقية التى اعترفت بالصين عام 1956، وهو ما منح العلاقة خصوصية، نتج عنها رصيد كبير من التعاون، تستخدمه كل من بكين والقاهرة حالياً للبناء عليه لزيادة فرص التعاون مستقبلاً، كونهما يمثلان حضارتين عظيمتين من أقدم حضارات التاريخ الإنسانى، أخذاً فى الاعتبار أن الصين دولة لها ثقلها الاقتصادى والديموجرافى على الصعيد الدولى، فضلاً عن نفوذها السياسى، كونها إحدى الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن، وهو ما تنظر له مصر باهتمام شديد، مما منح العلاقات بعداً جديداً أخذا فى الانطلاق بعد 30 يونيو 2013، حينما قررت مصر تنويع خياراتها الخارجية، فكانت الصين أحد الوجهات التى تستهدفها السياسة الخارجية لمصر، فعملت على توثيق التعاون معها فى كل المجالات، وهو ما ردت عليه الصين بتأكيد حرصها على تعزيز العلاقات الثنائية أيضاً.
الشهور الماضية كشفت عن وجود حوار دائم ومستمر بين القاهرة وبكين حول مجالات تعاون مختلفة، سواء داخلية أو خارجية، ولم يكن غريباً أن ترحب مصر بالاستراتيجية الصينية «الحزام والطريق»، ونظرت لها باعتبارها مهمة فى تعزيز النمو الاقتصادى لمصر والدول التى تمتد إليها هذه الاستراتيجية، ورأينا تأكيد الرئيس عبدالفتاح السيسى «أن مصر تدعم المبادرة لإحياء طريق الحرير، أخذاً فى الاعتبار أن مصر يمكنها أن تكون نقطة ارتكاز رئيسية لتنفيذ هذه المبادرة عبر المشروعات التى تشهدها قناة السويس، سواء من خلال حفر القناة الجديدة أو مشروع التنمية بمنطقة القناة، الذى يشمل إنشاء وتطوير 7 موانئ، فضلاً عن مشروع تطوير الشبكة القومية للطرق، وهو الأمر الذى من شأنه تعزيز فرص التجارة بين مصر والدول الآسيوية، وفى مقدمتها الصين».
الصين بالتأكيد نموذج مهم فى العمل والاستثمار، خاصة فى المشروعات الصغيرة، وهو ما تنظر له مصر حالياً باهتمام شديد، وهناك حرص مصرى على الاستفادة من تجربة الصين الرائدة وتطوير الإدارة المحلية، والتنمية الإدارية، والحكومة الإلكترونية، وتطوير الجهاز الإدارى للدولة، بالإضافة إلى تطوير أنشطة البحث العلمى ومجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتطوير القدرات البشرية من خلال الاستفادة من برامج التدريب والتأهيل الفنى الصينية، وتحديث قطاع المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر، فضلاً عن تطوير تقنيات الزراعة، خاصة فى مجال الرى والصرف، وكذلك الاستزراع ومكافحة التصحر وزيادة إنتاجية الرقعة الزراعية من المحاصيل الغذائية.
كل ذلك يؤكد أن مشاركة مصر فى قمة العشرين بالصين ليست من قبيل المشاركات البروتوكولية الشكلية، لكنها ستكون مرتبطة بأجندة وطنية تسعى مصر لتحقيقها خلال لقاءات الوفد المصرى، برئاسة السيسى، مع زعماء العالم المشاركين فى القمة، أو من خلال اللقاءات المرتب لعقدها مع المسؤولين والمستثمرين الصينيين.