بعد توجهه للدب الروسى لدعم العلاقات معها حتى لا تكون مصر تحت رحمة الغرب، يسعى الرئيس عبد الفتاح السيسى هذه الأيام لتجديد وتقوية العلاقات مع الصين، التى يزورها هذه الأيام للمشاركة فى قمة العشرين، بناء على دعوة رسمية من الصين، و تعتبر هذه الزيارة بمثابة تدشين لمرحلة جديدة من العلاقات الاستراتيجية مع الصين على المستويين الاقتصادى والسياسى، وهى العلاقات التى بدأت تتأسس فى مايو عام 1956 فكانت مصر أول دولة إفريقية تعترف بالصين،ثم أعقبها ثلاث زيارات لرئيس الوزراء الصينى " ژو إنلاي"، وبلغ التناعم بين مصر والصين ذروته فى 2008، حيث تم الاتفاق على العديد من المشروعات وللأسف لم تتم، وفى 2013 تجدد شباب العلاقة بشراء "صينوپك" حقول نفط وغاز في مصر من شركة أپاتشي للنفط الأمريكية بنحو 3 بليون دولار.
ومنذ توليه الرئاسة حرص السيسى على تنمية العلاقات مع الصين باعتبارها إحدى أهم وجهات السياسة الخارجية لمصر، وفى هذا الإطار يعقد الرئيس عدة لقاءات مع ممثلى الحكومة والمستثمرين حول عدد من المشروعات واتفاقيات التعاون التى تم التوقيع عليها مؤخرا.
تفتح هذه الزيارة أيضا آفاقا جديدة لتعاون المنطقة بأسرها مع العملاق الصينى، وهى أيضا فرصة للانطلاق بعيدا عن سطوة الغرب، الذى لم يرد تقديم مساعدة حقيقية للنمو الاقتصادى بالمنطقة العربية من خلال إقامة علاقات استراتيجية مع الصين وروسيا، والواقع أن العملاق الصيني نجح خلال الـ30 عاما الماضية في أن يحفر لنفسه مكانة مرموقة بين الدول اقتصاديا وصناعيا، كما أنها إحدى الدول الخمس دائمة العضوية فى مجلس الأمن مما يمنحها أهمية كبرى بالنسبة لمصر، التى تحظى بمكانة خاصة لدى الصين حيث كانت من من أوائل الدول الأفريقية التى اعترفت بها عام 1956.
وتجربة الصين تستحق الدراسة حقا فيمكننا أن نستخلص منها دروسا غير مسبوقة فى الاقتصاد والنمو والتحدى بأقل الإمكانيات وزيارة الرئيس السيسي تضع الخطوة الأولى لمصر على طريق الاستفادة من التجربة الصينية، فهى اجتازت مراحل كثيرة فى فترة وجيزة ونجحت فى رفع مستوى المعيشة للمواطنين لمواطنيها البالغ تعدادهم حوالى مليار و300 مليون نسمة، تلك الدولة الزراعية الفقيرة نجحت فى منافسة بذلك دول الغرب الكبرى، فالصين أنفقت مليارات علي تطوير الطرق و السكك الحديدية، ودعم شبكات الاتصالات، وتحسين خدمات التعليم .
وقد أكد الرئيس الصينى، أن بلاده تعمل بجد على تعميق الإصلاحات الشاملة وإعطاء دفعة جديدة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية وتطوير نمط التنمية الاقتصادية الخاص بها علاوة على التفاعل مع العالم من حولها، خاصة المنطقة العربية.
إذن من المهم الاستفادة من مثل هذه الأيادى الممدودة بصدق وهنا تكمن أهمية زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي للصين حيث أنها تفتح آفاقا جديدةليس أمام أمام الاقتصاد فقط بل أيضا السياسة الخارجية المصرية، ودعم التعاون العسكري مع الصين، فى وقت مصر تحتاج فيه الدعم.
أرى حرصا واضحا من الرئيس على الاستفادة من تجربة الصينية خاصة فى الاستثمار وتطوير البحث العلمى ومجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وتطوير القدرات البشرية من خلال الاستفادة من برامج التدريب والتأهيل الفنى الصينية.
إذن مشاركة مصر فى قمة العشرين ليست مجرد تواجد بروتوكولى، لكن تنفيذا لخطة اقتصادية بطلاها الصين ومصر ونرى ملامحا تتضح يوما بعد يوم، فكفانا ركض وراء "هرى" الفيس بوك ولنلتفت للمرحل الجديدة التى يدشنها الرئيس ويحتاج دعمنا وليس هجومنا.