السؤال الدائم عن اقتصاديات الجيش وتوغله فى مجمل النشاط الاقتصادى للدولة بدأ مع حالة الانفلات الإعلامى فى وسائل الإعلام التقليدية، وعلى مواقع التواصل الاجتماعى بعد يناير 2011 واعتبر رواد هذه المواقع أن كل شىء مباح بما فيها ضرورات الأمن القومى والمصرى وحتى الأسرار العسكرية..
وأذكر أن أحد الأصدقاء من رافعى شعار «ثورة.. ثورة» وقتها هاجم الفريق أحمد شفيق فى إحدى الندوات خلال إعلانه الترشح لرئاسة الجمهورية وبعلو الصوت قال له «عاوزين نعرف الشركات التابعة للجيش وإيه دخله بالاقتصاد ومين بيراقب عليه؟»
كان السؤال صادما ومتجاوزا فنشاط الجيوش فى العالم ليس عرضة للنقاش العام ومثار جدل على موائد العامة، ومن المحظورات الخوض فيه لضرورات الأمن وخطورة نشر أية بيانات ومعلومات عن الجيش ونشاطه.
لكن بهدوئه المعتاد حاول الفريق شفيق تهدئة الصديق والتخفيف من ثورته على الجيش الذى كان يتعرض وقتها أثناء تولى المجلس العسكرى أمور الحكم فى مصر لحملة مشبوهة من الإخوان وأتباعهم من الفوضويين. شرح الفريق شفيق اقتصاديات الجيوش فى العالم ومنها الجيش الأمريكى والصينى، أكبر جيوش العالم ثم فاجأ الصديق بأن النشاط الاقتصادى للجيش المصرى لا يتجاوز 2 أو 3% من مجمل الاقتصاد الوطنى وأن كل شركاته خاضعة للرقابة من الأجهزة الرقابية المعنية مثل الجهاز المركزى للمحاسبات، علاوة على أجهزة الرقابة داخل الجيش نفسه.
كانت المفاجأة التى أسكتت الجميع فى حديث الفريق شفيق المرشح المحتمل لرئاسة الجمهورية أن حضور الجيش فى النشاط الاقتصادى ليس بعيدا عن الرقابة كما توهم أو تمنى الغوغائيون والفوضويون وأنصار نظرية الهدم البناء إياه.
الحديث عن اقتصاديات الجيش مازال يشغل بال الكثيرين من بقايا «الثورة.. ثورة» وأنصار «الهدم والفوضى الخلاقة» وللأسف تشارك معهم النخبة الفاسدة أحد أسباب صعود الإخوان لحكم مصر، خاصة فى كل أزمة يتدخل لحلها الجيش كأحد مؤسسات الدولة الوطنية مثل أزمة توزيع ألبان الأطفال الأخيرة، أو توليه مشروعات البنية الأساسية فى مصر كمشروعات الطرق والزراعة والأسماك والمشروعات السياحية وتنمية محور قناة السويس وتشغيل الشركات وتوفير فرص العمل لملايين المصريين.
فهل نشاط الجيش الاقتصادى هو بدعة وحرام فى مصر أو فى باقى جيوش العالم؟.. غداً نستكمل.