بعد 15 عامًا على أحداث 11 سبتمبر، يكاد لا يختلف أحد حول مرور العالم بأسوأ مرحلة تاريخية فى العصر الحديث منذ ذلك الحدث، بعيدًا عمن وقف وراء تنفيذه، سواء كان عضوا بالتنظيمات الإرهابية أو الولايات المتحدة نفسها، حسبما ذهبت رواية الصحفى الفرنسى تييرى ميسان.
بعد 11 سبتمبر تغيرت أحداث ومعادلات، وكانت لمنطقة الشرق الأوسط نصيب الأسد فى هذا التغيير، فلم يعد الشرق الأوسط مثلما كان من قبل.
تغيرت خريطة المنطقة كلها، وضعفت مراكز قوى وبعضها دمر، بعد أن قررت الإدارة الأمريكية بغباء واستعلاء أن تخوض معارك "همجية" من أجل حفظ ماء وجهها أمام العالم.. ودفعت أمريكا ثمن جهلها بالآخرين وسوف تدفع أيضا فى المستقبل، حتى أن الباحث الأمريكى الشهير جويل بنين، رئيس جمعية دراسات الشرق الأوسط قال: "الجهل بشئون الشرق الأوسط والإسلام هو ترف لم يعد مجتمعنا قادرا على تحمله".
والسؤال الذى يطرح نفسه.. ماذا حدث للمنطقة ؟
أفغانستان وبعد عقود من سقوطها فى براثن تنظيم طالبان والقاعدة، كانت كفيلة بتدمير كل ما يمت بالحضارة والتاريخ ومحوه بعقلية ساذجة لا تفرق بين أمجاد حضارات وأطلال الحروب، حتى بعد الغزو الأمريكى، ظلت الصراعات قائمة ومستمرة فيها بين حكومة موالية لأمريكا وحركة إرهابية.. ذهبت أفغانستان، وربما لن تعود أبدًا.
أما العراق، بعد عقود طويلة، تحت حكم ديكتاتورى لصدام حسين، جاء سقوطها تحت الاحتلال، لتشهد عهدا جديد أشد وطأة وتأثيرًا على العراق، فبلاد ما بين النهرين، التى شهدت حضارات فى عظمة السومرية والأشورية، فى مهد التاريخ، أصبحت الآن عالقة بين مخالب فتنة طائفية بين السنة والشيعة، وجيش قوى دمر فباتت صيدا سهلا لعصابات "داعش" الإرهابية.. ستعرف ما فعلته أمريكا فى أرض الحضارات!! عندما تقرأ فى تقرير لـ"السى إن إن"، أن بغداد ثانى أكبر مدينة عربية، "أخطر مدن العالم"!!.
أما العلاقة بين الشرق وأمريكا فلم تتغير، فالإدارة الأمريكية لم تتغير وجهة نظرها نحو الشرق، فما زالت ترى أننا "نكرهها لأجل الكره"، بحسب تعبير جويل بنين أيضا.
المتغير الوحيد هو الشعب الأمريكى، الذى كان لديه انفتاح أكثر على البلاد الإسلامية والعربية وبلدان الشرق الأوسط، فبحسب دراسة نشرها الكاتب التونسى هشام القروى، أكدت أن أكثر من 9% من الشباب الأمريكى تطلع لدراسة العلوم واللغات الشرقية، بعد 11 سبتمبر، بعدما كانت كل ثقافته عنا هى أفلام هوليوود بحسب دراسات أخرى.
فى النهاية وبعد مرور 15 عامًا من الحدث، شهدت فيها المنطقة أحداثًا دامية عديدة، حان الوقت لأن نغير نظرتنا للعالم ولأنفسنا من قبل، حتى لا يقال "يومًا ما كانت تسكن هنا شعوب تعرف بالعرب".