العروبة ليست كلمة جوفاء بلا معنى ، العروبة مسئولية والدولة التى تؤمن بها لابد أن تتحمل مسئوليتها بلا امتعاض ولا تكبر أو تخاذل أو هروب من التبعات ، العروبى عليه حمل ثقيل لكن بعروبيته يتحمل ما لا تتحمله الجبال، السيسى فى كل مرة يؤكد أنه على قدر مسئوليته كعروبى ولا يخاف من تبعات قناعته ، ويثبت أنه على قدر كلمته ، ومن قبله كان الراحل الملك عبد الله خادم الحرمين عروبى أصيل على قدر المسئولية ، وعلى نهجه يسارع أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد، وبنفس المنطق يسير أبناء الشيخ زايد بإمارتهم التى تحتضن مشاكل الأمة عن حب وليس منة .
للعروبيين مرجعية اسمها جمال عبد الناصر يتخذونه قدوة ويتعلمون منه حتى بعد 46 عاما على رحيله ، فلا يتراجعون عن موقف ولا يعطون ظهورهم لقضية عربية مهما كان خطرها ، يتحملون الطعنات فى سبيل بقاء الأمة، يتعرضون لحملات تشويه لا تتوقف وشائعات لا تهدأ ، لكنهم ثابتون على المبدأ لأنه ليس ادعاء وإنما عقيدة لا تتغير .
وعلى هذا الدرب رأينا وسمعنا السيسى أكثر من مرة وهو يعلن بوضوح أن الأمن القومى هو الأمن القومى لمصر ، وكانت وما زالت جملته المعتمدة" مسافة السكة" التى لخصت عروبيته واخلاصة الواضح لأمته .
تابعنا كلنا كيف كان الموقف السعودى بقيادة الملك عبد الله مع مصر خلال وعقب ثورة 30 يونيو ، ومعها الامارات التى لن ينسى المصريون ولا كثير من العرب مواقفهم وشهامتهم ، والبحرين التى تحرص الا تخرج أبدا عن التوافق العربى ، والكويت التى لا تتأخر فى دعم أى عربى، بل وضربت مثلا آخر فى العروبية فى موقفها من سوريا وتحملها وحدها العبء المالى الأكبر فى الدعم الانسانى المجرد من الأهواء السياسية للشعب السورى ، وهو ما أكسبها وأميرها مصداقية دولية .
فى المقابل هناك دول عربية بالاسم فقط مثل قطر ، لكن العار سيظل يلاحقها لأنها كانت ومازالت تمثل بوابة الاختراق الأمريكى للأمة العربية ، تدفع من قوت شعبها لتنفيذ مخططات الغرب ضد العرب وتفتيت دولهم وتشتيت شعوبها ، واشعال الحروب داخلها، واثارة الفوضى فى شوارعها، رغم أن المنطق كان يقتضى أن تكون دولة مثل قطر مساندة للأمة وليست خائنة لها.
أحدث السقطات القطرية التى لن ينساها التاريخ لأسرتها الحاكمة أنها ورغم ادعائها مساندة القضية الفلسطينة وسعيها من أجل استقلالها ، تلعب فى الخفاء لتنفذ المخطط اليهودى لاستمرار التشرذم الفلسطينى وتعطيل أى محاولات للمصالحة الداخلية، وتخصص لهذا الهدف كل ما تملك من مصادر إغراء للفلسطينين ، ليس حماس فقط و إنما حتى السلطة الفلسطينية استطاعت قطر بأموالها أن تحول مسار بعض قياداتها وتوجههم كما تشاء ، وكانت نتيجة هذا اللعب القطرى القذر فى هذا الملف الأخطر فى المنطقة العربية أنها حولت أبو مازن نفسه الى ما يشبه الألعوبة وحرضته على التمرد ضد جهود الرباعية الدولية التى يعلم ابو مازن قبل غيره ، أنها تتحرك وتبذل كل الجهود من أجل دعم الشعب الفلسطينى وليس من أجل مصالح خاصة ولا أجندات أجنبية كما تفعل قطر.
أبو مازن فجأة وببركة الإغراءات القطرية تحول الى صاحب قرار ويدعى أنه لا تملى عليه شروط ولا توجهات ، ويغمز ويلمز ضد الرباعية ومن ضمنها مصر ، وكأنه مناضل حقيقى ، وتجاهل كل ما قدمته مصر للشعب الفلسطينى وله شخصيا ، وتغاضى عن أنه لولا مساندة مصر لكان هو نفسه خارج موقعه منذ سنوات ، وربما كان فى طى النسيان ، وأنه لولا مصر لتاهت القضية الفلسطينية وسط زحمة الملفات الأخرى وتراجعت بلا حدود ، لكنه تناسى كل هذا واستجاب لطلب الشيطان العربى.
هذا هو قدر الأمة العربية التى كتب عليها أن يظهر بينها فى كل زمن من يفسد عليها كل ما تسعى إلى تحقيقه من وحدة تحفظ الكرامة العربية ، لكن كيف تأتى الكرامة وبيننا من لا كرامة له .