لا يمكن فهم الحرب الكلامية والتوتر الحاد بين المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الإيرانية، قبل ثلاثة أيام فقط من الحج، بعيدا عن الصراع السياسى بين البلدين، والطموح السياسى الإيرانى فى المنطقة خاصة فى سوريا والعراق واليمن.
وما هو سياسى تريد إيران تلبيسه بما هو دينى والتوارى خلف الحجج الدينية وتنظيم أمور الحج، ومحاولة تأجيج فتنة مذهبية قبل أيام من انطلاق مناسك أهم فريضة لدى المسلمين وهى فريضة الحج.
قبل ثلاثة أيام من الحج، هاجم المرشد العام لما يسمى بالثورة الإسلامية الإيرانية، المملكة العربية السعودية وقادتها، واتهم المملكة بقتل الحجيج، وتطاول فى الهجوم إلى درجة تشبيه هجمات قوات التحالف العربية ضد المتمردين الحوثيين فى اليمن بالعدوان «الصهيونى» على غزة، ودعا خامنئى للتفكير فى حل لإدارة الحرمين الشريفين وقضية الحج بسبب ما سماه بـ«سلوك حكام السعودية» ضد ضيوف الرحمن، ورد مفتى السعودية على دعوة مرشد إيران بأن الإيرانيين «ليسوا مسلمين» فهم- أى الإيرانيين- «أبناء المجوس، وعداؤهم مع المسلمين أمر قديم وتحديدا مع أهل السنة والجماعة».
لكن الأزمة الحالية يمكن القول إنها لا علاقة لها بأمور الحج أبدا، لكن خطورتها فى التوظيف الدينى لها لتصفية صراعات سياسية بين الجانبين أو بالأدق بين إيران وباقى دول المنطقة وكبيرها فى السعودية. وقيام إيران بممارسة الضغط على السعودية بورقة الحج وإعلان منع الإيرانيين عن الحج لأول مرة منذ عام 87 بزعم الإجراءات السعودية المتعسفة ضد الحجاج الإيرانيين، وعدم حمايتهم ورفض المملكة الطقوس الإيرانية، التى تثير مشاعر باقى المسلمين وتستفزهم، ورفضت إيران بالتالى توقيع محضر إنهاء ترتيبات الحج فى المحادثات بين البلدين لتحديد شروط الحج.
التصعيد الإيرانى الجديد ضد السعودية كان متوقعا وسط أجواء منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين فى يناير الماضى، بعد تظاهرات إيرانية أدت إلى إحراق السفارة السعودية، فى طهران، عقب إعدام رجل الدين الشيعى نمر النمر، وتتويجا للخلاف السعودى الإيرانى فى المواقف تجاه سوريا واليمن والعراق.
إيران تضغط على السعودية بعد الهزائم المتلاحقة للحوثيين فى اليمن التى تدعمهم إيران فى إطار المد الإيرانى السياسى والدينى والجهر الإيرانى بالوجود فى العواصم العربية من بغداد إلى صنعاء مرورا ببغداد وبيروت. الورقة الإيرانية فى الصراع مع المملكة هى ورقة خطيرة، واستمرارها ينذر بعواقب خطيرة وبوادر حرب مذهبية سوف تتسبب فيها طهران.