من المعروف أن مصر لا تحارب الارهاب بل تحارب الارهابيين فقط بالمواجهات الأمنية ، وهي غير قادرة علي القضاء نهائياً علي الأفكار الإرهابية التي تعتنقها داعش واخواتها ، ولا يمكن مواجهتها إلا ببناء الفكر الانساني السليم وتعميق الهاوية المصرية الحقيقية وتنمية التذوق الفني والجمالي مع تنمية الفكر منذ الطفولة ، فكما نشآت واتلقي هذه الصفات لتنمية مداركي عن طريق الدورات التثقفية التي كانت تعدها جمعية رواد الثقافة بالجيزة التابعة لمديرية ثقافة الجيزة برئاسة أستاذي الجليل المخرج / عبدالرحمن الشافعي التي كان يستقدم لرواد قصر ثقافة الطفل ( قاعة منف حالياً ) كبار المثقفين والنقاد والفنانين أمثال : الدكتور أحمد يونس والدكتور أحمد مرسي والدكتورة نعمات أحمد فؤاد ( عاشقة مصر ) والدكتورة نهاد صليحة والدكتورة نجات علي أستاذة فن الإلقاء والدكتور صلاح الراوي وغيرهم من كبار أساطين الإبداع الفكري والفني ليحدثون عن الهوية المصرية والهوية الثقافية والفرق بين التراث والفلكلور الشعبي حتي أن عاشقة مصر بدأت معنا من الحضارة الفرعونية وتفسير بعض الكلمات المستخدمة حالياً مثل كلمة ( بابا ) وتعني بالفرعونية روح روحي ، فنشأنا نكره الارهاب والتطرف والمغالاة في أي شئ بل وتقبل الآخر في كل شئ وكانت غالباً ما تفرز هذه الدورات مواهب متعددة بعد شهور من المحاضرات النظرية والعملية لتفرز عمل فني يستجلب لنا هؤلاء المدربين كبار نجوم مصر لتشاهدنا وتشجعنا فمن يمارس الفنون أو يشاهدها ويتذوقها المسرح المدرسي أو بيت الثقافة أو في العروض النموذجية التي تنتجها المؤسسات المسرحية الكبري كالبيت الفني للفنون الشعبية التي تضم فرقة رضا والسيرك القومي والمسرح الغنائي الاستعراضي ومسرح الطفل والموسيقي الشعبية وانغام الشباب كل هذه الفرق يجب أن تذهب لتعرض فنونها في جميع القري والنجوع علي مسارح قصور الثقافة ومراكز الشباب والمجالس المحلية وقتها فقط ستقوم الدولة بدورها في محاربة الفكر الارهابي في مهده بل وقبل أن يولد بإجتذاب الطلائع والشباب والأطفال لهذه الفنون وانتزاعهم من براثن الجماعات المتطرفة المنتشرة في هذه القري والغريب مع تخلي الدولة بدورها نجد نجم بقامة الفنان الكبير محمود الجندي يترك أعماله الكبيرة التي تدر عليه أمولاً كبيرة ويذهب إلي قريته في أبو المطامير يصرف من جيبه علي مسرحية (الشخص) التي يعدها ويخرجها بنفسه لشباب القرية ولا يكفي قيام وزير الثقافة والدكتور إيناس عبدالدايم رئيس دار الاوبرا المصرية لإستضافة العرض فقط بل يجب الإلتزام بالوعد الذي قطعه الوزير علي نفسه بإلالتزام ببناء قصر ثقافة أبو المطامير في أسرع وقت والمعروف ان هذه المحافظة هي معقل الاخوان وبلد الإرهابي الهارب جمال حشمت فأين عروض البيت الفني للفنون الشعبية علي مسرح دار أوبرا دمنهور بجميع فرق البيت ، ولكن العائق الحقيقي وراء نشر الهاوية المصرية عن طريق الفنون والقيام بدور وزارة الثقافة الغائب هو اللوائح الهزيلة التي تتعامل بها وزارة الثقافة مع البيت الفني للفنون الشعبية وفرقه الفنية والمسرحية دون تغيرها منذ عقود فلا يعقل أن يحصل مخرج بقامة عبدالرحمن الشافعي وأقرانه علي اثني عشر الف جنيه فقط في إخراج عرض مسرحي كبير يعيدنا إلي هوايتنا المفتقدة والعائق الأكبر في ما يسمي مكافآة الإنتاج ( بدل السفر والإعاشة ) في لا يعقل حينما تعرض فرق البيت علي مسرحها ( محمد عبدالوهاب ) بالاسكندرية والمعروف بأن إيجار أقل شقة في الصيف لا تقل عن ثلاثمائة جنيه في اليوم الواحد ويحصل الفنان القدير لهذه التكلفة سكن وأكل ثلاثة وجبات وإنتقالات علي 100 جنيه فقط فبتالي يتهرب الفنانين من أداء واجبهم المقدس علي مسارحهم في الاسكندرية وجمصة فمابالنا بالعرض في سوهاج وأسيوط وقنا ومواجهة أصحاب الفكر المتطرف بالفن والثقافة والمسئول الأول عن هذه الخطيئة في حق مصرنا الحبيبة هو وزير الثقافة الذي لا يهتم بالأنشطة المسرحية ولا يدعمها ولا يحضرها وجعلنا نترحم علي أيام الفنان فاروق حسني الذي كنا ننتقده بشدة وهو الذي كان يحضر افتتاح جميع عروض فرقة ( السامر ) التابعة لقصور الثقافة وجميع عروض مسارح الدولة حتي أتي إلينا حلمي نمنم كاره الفنون والذي يرفض مقابلة فناني البيت الفني للفنون الشعبية الذي يضج بالمشاكل والإهمال وتقاعس مسئوليه ورئيس البيت الذي يعتبر العروض المسرحية مجرد أداء واجب ليهتم بالكم علي حساب الكيف ولا يقدم أي نوع من انواع الدعاية الإعلانية اللائقة للمهمة المقدسة ولا يهتم بتقديم المسرح لمستحقيه في القري والنجوع وجميع محافظات مصر وأيضاً تقاعس المخرج الصديق خالد جلال رئيس قطاع الانتاج الثقافي في زيادة اللوائح المالية ومكافآة الإنتاج ( بدل الإعاشة ) كما يرفض مساواة فناني البيت الفني للفنون الشعبية لزملائهم فناني البيت الفني للمسرح في اللوائح المالية والتعامل في الحوافظ وطبيعة العمل علي الرغم من أن البيتين يضمهم قطاع مالي وإداري واحد هو قطاع الانتاج الثقافي والغريب الذي يرفض هذه المساواة هو رئيس البيت للفنون الشعبية القادم إلينا من خارج البيت كل هذا في غيبة وزير الثقافة الذي لم يسعي جاهدا لإقناع زميلاه وزير التخطيط ووزير المالية بالموافقة علي قرار لجنة الثقافة بالبرلمان لزيادة ميزانية البيت الفني للفنون الشعبية وقصور الثقافة خمسة ملايين جنيهاً سنوياً لكل منهم لعمل هذه الانشطة الفنية التي تقضي علي الارهاب في مهده والتي تقوم وزارة الداخلية بإنفاق ألاف الاضعاف لهذا المبلغ الزهيد لمواجهة الإرهابيين الذين يظهرون لغياب دور وزارة الثقافة .
فهل لنا أن نطالب فخامة رئيس الجمهورية بإقالة وزير الثقافة ووزير التخطيط ووزير المالية الذين يمارسون في هذه العملية الإبداعية لعُبة ( البيضة الأول أم الفرخة ) الفن أم المواجهة الأمنية هذه ليست مشكلة الفنون بل مشكلة مصر كلها التي تفتقد التخطيط والرؤية والهدف والهوية .