ذهب الصديق الشاعر عبدالرحمن مقلد إلى باريس بعد حصوله على جائزة الشعر العربى التى يمنحها المركز الثقافى المصرى هناك، وعاد ومعه أشياء كثيرة أهمها «صندوق الفن»، وهو بمثابة كنز فنى يحتوى نسخا من اللوحات العالمية الموجودة فى متحف اللوفر الشهير، ويبلغ عددها نحو 250 لوحة، وتباع بـ7 يورو فقط لا غير، وعن نفسى لا أستطيع أن أتخيل الأثر الجمالى العظيم الذى سيتركه هذا الصندوق فى حياة طفل يكبر وهذه التحف بين يديه.
نقول، إن الفن بكل أشكاله وطرقه التى لا حدود لها، يمكن أن يهذب الغضب المنتشر فى أرواحنا ويجعلنا قادرين على احتمال منغصات الحياة التى لا آخر لها، ومن الأخطاء الشائعة التى أن تشرت فى ثقافتنا اليومية أن الأغنياء فقط هم القادرون على شراء اللوحات الفنية الجميلة، فيضعونها فى قصورهم وبيوتهم الفخمة، بينما تخلو بيوت الطبقة المتوسطة من أى دليل على تجميل البيت وتزيينه بهذه الطريقة، وذلك على عكس مرحلة زمنية سابقة، كانت اللوحات التشكيلية جزءا أساسيا من ديكور البيت حتى لو كان بسيطا.
ومنذ أيام قليلة افتتحت الدورة الثالثة لمعرض «لوحة لكل بيت» فى مركز الجزيرة للفنون فى الزمالك الذى سيستمر حتى أول أكتوبر، وذلك انطلاقا من فكرة الفن للجميع، وفى هذا المعرض يشارك نحو 70 فنانا تشكيليا فى محاولة منهم لتجميل بيوت المصريين، والتأكيد على نشر الفن التشكيلى فى المجتمع، وحتى يقتنى المصريون اللوحات والأعمال التشكيلية بسعر رمزى.
مثل هذه المعارض تحتاج تشجيعا وتحتاج دائما لإلقاء الضوء عليها وإيضاح دورها المهم فى المجتمع، فهذه مبادرات طيبة ولها أثر إيجابى على الحالة النفسية للأسرة، فالطفل الذى ينشأ منذ صغره واللوحات التشكيلية حوله سوف تكون طريقة تفكيره سوية، لا وجود لعنف ولا لتطرف ولا يسيطر عليه هاجس التكفير، وذلك لأن عينيه عرفتا فرحة الجمال منذ صغره، وسيجلس دائما يتأمل التصميم والتشكيل والألوان ويحاول أن يعرف كيف استطاع الفنان أن يصنع هذه اللوحة وربما يحاول أن يقلدها أو على أقل تقدير سيسعى للتعرف على فنون أخرى تحقق له الراحة النفسية التى وجدها مع هذه اللوحة.
البيت الذى تسكنه اللوحات الفنية هو بيت جميل، وليس شرطا أن تكون هذه اللوحات أصلية، فالنسخ أيضا تمنح الجمال، وليس شرطا أن تكون لفنانين مشهورين، لكنها يجب أن تكون لفنانين مخلصين لعملهم يحبونه فيحبهم ويمنحهم أسراره البديعة التى بدورها ستنتقل إلينا وتملأ أرواحنا الفرح وتملأ صباحنا بالبهجة.
وفى النهاية أضم صوتى لدعوة عبدالرحمن مقلد من خلال «انفراد» لقطاع الفنون التشكيلة ووزارة التعليم والمركز الثقافية بإعداد صندوق فنون، يحوى أهم 500 لوحة للفنانين العالميين والمصريين، وفى الخلفية تعريف بالفنان وباللوحة وبتاريخ الفنون فى مصر وتوزع على طلاب المدارس.