مشكلة الطاقة فى مصر ليست فى نمو الطلب على الطاقه، بقدر كفاءة استخدامها وتوظيفها فى مجالات تنموية وصناعية، حيث ان غالبية المنشات والمنازل والتي تبلغ 30 مليون منشاة ومنزل في مصر يلزمهم تحسين كفاءة طاقة في الاضاءة والاجهزة والمعدات الكهربائية والحرارية.
وقد كشفت احدث الدراسات الميدانية ان فرص توفير الطاقة الكهربائية تقدر بحوالي 40% علي مستوي محافظات مصر وما يتبعها من توفير في استهلاك الوقود اللازم لمحطات الكهرباء شريطة استخدام اجهزة كهربائية عالية الكفاءة سواء كانت محلية اومستوردة، واستبعاد الاجهزة غير الموفرة مثل اللمبات المتوهجة وجميع الاجهزة الكهربائية الاخري منخفظة الكفاءة.
ويقدر هذا الوفر بحوالي (26 ت.و.س) يكفي لعلاج ازمة الطاقة الكهربائية علي مستوي الجمهورية وتخفيض دعم الكهرباء بحوالي (10 مليار جنية سنويا).
وعلي التوازي فان الفرص الضائعة في ترشيد وتحسين كفاءة الطاقة بالمرافق والمباني الحكومية التي تتجاوز 200 الف مبني وكذا الانارة العامة لاتقل عن 40 ٪ ، وبالتالي فإن فرص خفض استهلاك الكهرباء بالمباني الحكومية والمرافق والانارة العامة التى تمثل حاليا حوالي نسبة 12.5% يمكن توفير حوالي (7 ت.و.س) واذا تم بيعها للقطاع الصناعي تحقق ايرادات للدولة حوالي 7 مليار جنية سنويا.
ومن ناحية اخري فان كفاءة محطات توليد الكهرباء الحالية تتراوح بين 22% إلي 55% وهذا يوضح ان الاستثمار في تحسين كفاءة الطاقة للمحطات سيؤدي الي انتاج نفس كمية الكهرباء مع توفير في استهلاك الوقود اللازم بحوالي 20% سنويا، إضافة الي ذلك هدر الطاقة في الازدحام المروري، حيث بلغ اجمالي عدد السيارات في مصر حوالي 9 مليون سيارة مرخصة وملايين السيارات والموتوسيكلات والتكاتك غير المرخصة مع انعدام الرقابة علي كفاءة الطاقة لهذه المركبات يؤدي إلي هدر في الطاقة لايقل عن 50%.
ان تلك النتائج تؤكد ان مصر لا تعاني من أزمة طاقة بل أزمة كفاءة استخدامها، ومن المعلوم سلفا أنه لم يتواجد فعليا أي تنظيم متكامل لرعاية وإدارة المشروعات والجهود في مجال ترشيد وتحسين كفاءة استخدام الطاقة وضمان استمرارها حتى ذلك الحين، وأصبح من الضروري وجود تظيم رسمي يختص بهذا الشأن. فكان من الأهمية تصحيح المسار بأن يبادر الخبراء في ادارة الطاقة اقتراح انشاء منظمة مستقلة لتوحيد الجهود بين الجهات الحكومية وغير الحكومية في هذا المجال ، بناء علي بحث ودراسة النظم المختلفة المتبعة بالدول العريقة التي سبقتنا في إنشاء المنظمات التي تختص بترشيد وتحسين كفاءة استخدام الطاقة.
وبذلك أدعو الحكومة المصرية تحت قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي بإنشاء "المركز القومي لكفاءة الطاقة" علي ان يشكل المركز من الاعضاء ذوي الكفاءات والخبرات العلمية والعملية الفاعلة في مجال ترشيد وتحسين كفاءة الطاقة، مع ضمان تمثيل ملائم للشباب من المؤسسات الحكومية والمجتمع المدني من أجل تجسير الفجوة بين مختلف مؤسسات الدولة، ويشمل ممثلي وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، الصناعة والتجارة الخارجية، البيئة، التنمية المحلية، التموين والتجارة الداخلية، الاسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية، وزارة البترول والثروة المعدنية، وزارة الاستثمار، وزارة النقل، وزارة الداخلية، وزارة الانتاج الحربي، نقابة المهندسين المصرية، الاتحاد المصرى لجمعيات المستثمرين، اتحاد الصناعات المصرية، الاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، الجامعات المصرية، الصندوق الإجتماعى للتنمية، وغيرها من مؤسسات المجتمع المدني المختصة بالطاقة وحماية البيئة في جمهورية مصر العربية.
ويهدف المركز بصورة أساسية توحيد و تكامل كافة الجهود بين الجهات الحكومية والغير الحكومية في مجال ترشيد وتحسين كفاءة الطاقة بمختلف قطاعات الدولة، وضع برنامج قومي لترشيد وتحسين كفاءة استهلاك الطاقة والخطط اللازمة لذلك، تطوير السياسات والأنظمة واللوائح المنظمة لاستهلاك الطاقة ودعم تطبيقها، ترسيخ ونشر ثقافة الترشيد وتحسين كفاءة الطاقة في المجتمع والمدارس والجامعات والمنشات العامة والخاصة ودور العبادة، المشاركة في ادارة المشاريع الريادية لرفع كفاءة الطاقة علي المستوي القومي... وهو ما يسهم في دعم والمحافظة على الثروة الوطنية من مصادر الطاقة بما يعـزز التنمية المستدامة والاقتصاد القومي وتحقيق أدنى مستويات الاستهلاك والفاقد الممكنة بالنسبة للناتج القومي.
فبإمكاننا العيش بطريقة أفضل ولكن باستخدام اقل من نصف ما نستخدمه من مواردنا الثمينة.