أتعجب كثير من حالة الهوس واللا مسئولية التى أصابت قله من العاملين فى الحقل الاعلامى، وجعلت وسيلتهم للشهرة ولفت الانتباه، هو التصيد وتشويه الأخر، دون التحقق من صحة المعلومة ومدى مصداقيتها، أو ما قد تؤدى إليه من آثار سلبية على شخص أو أبنائه أو أسرته بأكملها، والتى قد تظل تعانى من أثارها دون ذنب لسنوات، ولعل لنا في السيدة التى انتحر زوجها بعد أن قتل ابنائه منذ أيام لعبرة، حيث ذكرت العديد من الصحف والمواقع الالكترونية، أن الحادث يعود إلى شك الزوج في سلوك زوجته، وعندما تيقن الجميع من حقيقة إصابته الزوج المنتحر بمرض نفسى، وسمعوا الكلمات المؤلمة التى رددتها الزوجة المسكينة وهى تبكى أثناء تشيع الجنازة، عادوا إلى رشدهم وأعلنوا الندم، بعد أن تركوا لها وصمة عار والآم إلى آلامها سوف تظل وأسرتها على مر السنين.
ومنذ أيام، تلقيت دعوة من السيد "مضر البكاء" مدير قناة الغدير العراقية، للمشاركة في فعاليات المؤتمر العاشر للإعلام الذى تنظمه القناة بمدينة النجف العراقية، مؤكدا أنهم يسعون من خلال المؤتمر إلى تصدير صورة إلى العالم تشجع الجميع على زيارة العراق، وبالفعل لبيت الدعوة ومعى العديد من الصحفيين من صحف "الاخبار والأهرام والجمهورية" ورافقنا في الزيارة الفنانين (احمد بدير وفتوح أحمد) اللذان أحاطتهما وسائل الإعلام العراقية والعربية والأجنبية هناك بحفاوة بالغه، تقدير لهما وللفن والفنانين المصريين.
وعلى الرغم اننى كنت أتوقع مهرجان محدود ومشاركة محدودة، إلا اننى فوجئت بمؤتمر ضخم، وحضور عربى وأجنبى كثيف وصل الى مايزيد عن الـ 600 مشارك، وبرنامج مميز، يتناول قضايا جوهرية عن دور الإعلام في مكافحة الإرهاب والتطرف، ومستقبل الإعلام في العالم العربى، إلى غيرها من القضايا التى شارك فيها وفود من نحو 20 دولة، ونحو 70 مؤسسة إعلامية عربية وأجنبية، ومسابقة جرى التنافس فيها على نحو 500 عمل سينمائى وتسجيلى وصحفى، دون أن يتطرق المهرجان أو الندوات ولو بكلمة واحدة عن الشيعة أو السنة أو المسيحيين أو اليهود، أو يتطرق أى من المنظمين أو المشاركين ولو بعبارة طائفية واحدة، بل على العكس، تناولت القضايا التى تناولها المهرجان قضايا جوهرية تناولت أخطر وأهم قضايا الاعلام العربى.
إلا أن مواقع تصيدت أمر مشاركة الفنانين (أحمد بدير وفتوح أحمد) والوفد المصرى من مواقع محسوبة على التيارات الشيعية، وأخذت تشهر بهما على اعتبار أنهما يساندان الشيعة والتيار الشيعى، وانهما ذهبا الى العراق لاعتناق المذهب الشيعى، على الرغم من أن خبر مشاركتهما وحواراتهما التى لم تخرج عن القضايا الفنية ومصر، والتى لم ترد فيها كلمة طائفية، تناولتها كل الصحف والقنوات العراقية، ومعها اليورنيوز، والسفير اللبنانية، والشروق الجزائرية، والعديد من الصحف والقنوات الحكومية والخاصة في العديد من الدول العربية في تونس والمغرب، في الوقت الذى حضى المهرجان بحضور العديد من الفنانين والمنتجين العرب، وفى مقدمتهم الفنانة السورية الشهيرة "سلمى المصرى" التى حظيت بنفس الاهتمام.
الهجمة التى طالت الفنانين أثارت موجة من الغضب داخل المهرجان، الذى ابدى منظموه دهشتهم من طريقة التناول والتوجه الذى تعمد تشويه الفنانين، وعندما سألت احمد بدير عن رأيه فيما نشر، وهل ينوى الرد قال لى بالحرف الواحد: ( الحمد الله أنكم معنا هنا، وهو ما يشجعنى على ألا التفت أو ارد لانكم عايشتم ما دار وما تم خلال المهرجان، فقد شاركت على الرغم من الإرهاق والتعب الذى الم بى خلال أداء فريضة الحج قبل حضور إلى العراق بأيام قليلة، وكدت أن أعتذر عن الحضور، ولكن عندما تناقشت مع "فتوح أحمد" انتهينا إلى انه لا يجب الاعتذار في مثل هذا الظرف الذى تمر بها العراق، فكيف نعتذر وهم يطلبون منا الحضور لتصدير رسالة للعالم من خلال حضورنا، مفادها أن العراق أمنه، في الوقت نطلب فيه نحن في مصر من مشاهير العالم الحضور إلى مصر لتصدير ذات الصورة، ونغضب من اعتذارهم، لقد حضرنا وادينا واجب وطنى وقومى، ولم ننظر إلى الطائفية التى تحدث بها البعض في مصر، في الوقت الذى لم يتطرق المهرجان أو منظموه أو ضيوفه بكلمة توحى بذلك) .
اعتقد آنه كان قد الأوان لان يعود هواة التصيد والتشويه إلى رشدهم، ويعلمون أن الكلمة أمانه سوف يحاسبون عليها أمام الله، وأن مجرد تشويه شخص أو أسرة بغير حق، قد يغنى عنه كنوز الأرض، أو تأنيب ضمير.