نقابات المحامين والصحفيين والأطباء والمهندسين أصبحت دولة فوق الدولة
كان محقا الرئيس عبدالفتاح السيسى عندما أكد أننا نعيش فى «ظل أو شبه دولة»، فمصر ظاهريا، دولة مؤسسات، وواقعيا هى أبعد ما تكون عن دولة القانون، ومنهارة إداريا.
وعندما قرر السيسى تصحيح المسار، وإحداث ثورة فى المفاهيم الاقتصادية والإدارية، تحديدا، وإزالة كل التشوهات التى انتشرت فى جسد الوطن، واجه تحديات خطيرة من مافيا الفساد ومجموعات المصالح الخاصة على جثة الوطن الذين يعششون فى كل شبر بطول البلاد وعرضها، فى المؤسسات الحكومية، والخاصة، فى الأحزاب السياسية، والمراكز الحقوقية، فى النقابات المهنية، والنقابات العمالية، والمستقلة، فى الملاعب الرياضية، وفى المنابر الإعلامية.
الجميع يتفق على ضرورة إعلاء شأن دولة القانون، والجميع أول من يخترقون ويركلون القانون بأقدامهم عندما تصطدم بمصالحهم الشخصية، فى انفصام مخيف، خاصة بعد 25 يناير 2011، وهو التاريخ المحورى فى تاريخ مصر المعاصر، ولن يصيبنى أى ملل من تكرار هذا التاريخ الذى تم توظيفه بشكل إجرامى فى اغتيال الأمل والتفاؤل فى مصر دون رحمة أو هوادة.
ومن أبرز ما أفرزته 25 يناير، إعلاء النعرات الفئوية، واعتبارها دولة فوق الدولة، ومارست كل أنواع صراع الإرادات وكسر أنف البلد، وإثبات أن المحامين والصحفيين والأطباء والمهندسين تحديدا أقوى من الدولة، فوجدنا «الصحفيين» تهدد وتصدر بيانا تطالب فيه رئيس الدولة بالاعتذار، وإقالة وزير الداخلية، وتهديد النائب العام بضرورة الإفراج عن متهمين دون تحقيق.
وتربعت منى مينا وأصدقاؤها الإخوان فى مجلس نقابة الأطباء على عرش النفوذ الوهمى، والقوة الغريبة لتوجيه لكمات وضربات فى وجه الدولة، من خلال الدعوة لمظاهرات حاشدة لمجرد أن هناك معركة بين أمناء شرطة وأطباء فى مستشفى المطرية، وكأن أمناء الشرطة هم «الوطن» وأن الأطباء فوق «الوطن»، والحقيقة أن الاثنين مجرد مواطنين عاديين خاضعين للقانون وإرادة الدولة.
أما المحامون فحدث ولا حرج، خرجوا أمس الأول فى مظاهرات، لرفض قانون القيمة المضافة، باعتبارهم أنهم شعب الله المختار، وأنهم فوق إرادة الدولة، والشعب المصرى معا، لأن قانون القيمة المضافة تقدمت به الحكومة، السلطة التنفيذية، وأقره مجلس النواب، وهو السلطة التشريعية، والمتحدث الرسمى باسم الشعب المصرى، وفقا لانتخابات معبرة عن إرادة الأمة، فيخرج المحامون ليتحدوا السلطتين، التشريعية، لسان حال الشعب، والتفيذية، رمز إرادة الدولة.
أى عبث نعيشه فى مصر حاليا، أن محامين يرتدون روب العدالة الواقفة، يعترضون على قانون أعدته الحكومة وأقره نواب الشعب، ويخرجون فى مسيرات ومظاهرات دون الحصول على تصريح من وزارة الداخلية، ليعلنوا رفضهم للقانون، ويطالبون بإقالة الحكومة، ويضعون فوق رؤوسهم «ريشة»، وتستمر مسيرة «دولة الريش على الرؤوس» بنجاح منقطع النظير.
المحامون وقعوا فى فخ جماعة الإخوان الإرهابية المسيطر على النقابة، وخضع سامح عاشور، وهو ابن الدولة الوطنية، لتهديدات منتصر الزيات، وابتزازه النقابى، وخرجوا ليعترضوا على قانون القيمة المضافة، ويريدون التهرب من تسديد حق الدولة، رغم ما يتقاضونه من أتعاب ضخمة فى مقابل قبول القضايا والدفاع عن المظلومين، وهو أمر غريب وعجيب لا يستقيم مع دولة العدالة وإرساء القانون.
هل الإخوان ونشطاء 6 إبريل والاشتراكيون الثوريون، أصبحوا يسيطرون على أهم 4 نقابات مهنية فى مصر، وهم «المحامين والصحفيين والأطباء والمهندسين»؟ وهل يسخرون هذه النقابات لإثارة الفوضى، وكسر أنف الدولة، ومخالفة القانون؟ وهل ترى هذه النقابات أنها أقوى من السلطات الرسمية للبلاد، خاصة سلطتى التنفيذية، والتشريعية؟
الأمر أصبح سمجا، ومقيتا، ولا يستقيم مع أوضاع البلد، التى تتكالب عليها المؤامرات من كل حدب وصوب، وتشهد صراعا فئويا مزريا، تطالب طوال الوقت بالحقوق، دون الالتزام بأى واجبات من أى نوع، وهو ما لا يحدث فى دولة «الواق واق».
ولك الله يا مصر!