ماذا يعنى أن يطلب أحد نواب البرلمان بسن تشريع يلزم الدولة بإجراء كشف عذرية للفتيات الراغبات فى الالتحاق بالجامعة؟ وما معنى أن يتعاطف معه أو يؤيده عدد من النواب متصورين أنهم بذلك يدافعون عن الأخلاق القويمة ويحاربون الرذيلة؟!
المعنى المباشر لاقتراح النائب إلهامى عجينة بتوقيع كشف العذرية على الفتيات، يعنى عدم وجود أجندة أولويات وطنية لدى النائب وغيره من النواب المؤيدين لاقتراحه، فلو كان النائب ومن معه مهمومون بأولويات هذا البلد لما تبادر إلى ذهنهم مثل هذا الاقتراح السخيف، وما انشغلوا أصلا بهذه الموضوعات التى لا تليق إلا بصحيفة صفراء تصدر تحت السلم بدون رقابة.
المعنى الثانى لاقتراح عجينة، الذى لا يعفيه اعتذاره وتراجعه عنه، أن مؤسسات الدولة الصلبة فى وادٍ وعدد من الممثلين لها والمعبرين عنها فى وادٍ آخر بعيد تماما، فبينما تخوض الدولة الحرب على جبهات متعددة وشرسة، بعضها مع دول كبرى وقوى عظمى لها مخططاتها الخاصة بالمنطقة، يظل عدد من المسؤولين التشريعيين أو التنفيذيين أسرى لمفهوم الإثارة والبحث عن شهرة زائفة بصورة لا تتناسب أبدا مع ضرورات المرحلة التى نعيشها.
وأسأل فى هذا السياق، هل فكر النائب «عجينة» فى أبرز عشرة قضايا اقتصادية ملحة ودوره كنائب فى دعمها تشريعيا أو مراقبة الجهات التنفيذية التى تتصدى لها؟ هل فكر فى مساندة الدولة ومؤسساتها التى تكافح الإرهاب وإثارة الانقسام بالشائعات والأخبار الكاذبة، ولو فى الدائرة التى ترشح عنها فقط؟ وهل خطر على باله من باب فرض الكفاية، كيف يمكن أن يسهم فى تشريعات تعزز قدرة الدولة على دفع المصريين للعمل والإنتاج بوسائل وأدوات جديدة وتقلص البيروقراطية الحاكمة لسوق العمل الحكومى والخاص؟ وهل فكر مثلا فى مشروعات قوانين ، لدعم المواجهة الرسمية لكل أشكال العوز والفقر برفع المعاشات واستحداث مشروعات جديدة للتكافل؟
المعنى الثالث لاقتراح عجينة، أن هناك نوابا يجهلون المبادئ الأولى لحقوق الإنسان، ولديهم نوازع فاشية يحاولون إخفاءها تحت شعارات الأخلاق البراقة.
إذن إذا لم تكن أجندة الأولويات الخاصة بالدولة والقضايا الأكثر إلحاحا هى الحاكمة لتفكير وحركة بعض نواب الشعب، وإذا كان بعض نواب الشعب غير معنيين بالمواثيق والعهود الدولية المكملة للقانون المصرى فهل يصلحون عندئذ نوابًا للشعب؟