كانت مفاجأة كبيرة لى على المستوى الشخصى، معرفتى بأن معرض الكتاب الذى تنظمه الهيئة المصرية العامة للكتاب فى جامعة الأزهر، والذى بدأ منذ يومين ويمتد لمدة أسبوع، هو أول معرض يتم تنظيمه من قبل وزارة الثقافة فى هذه الجامعة العريقة.
ومع ذلك دعونا نتجاوز ذلك التأخير الكبير جدا، وننظر فى الجانب الإيجابى الذى حدث، خاصة بعد حرص حلمى النمنم، وزير الثقافة على افتتاح المعرض، وتوصيته بتكراره فى كل جامعات الأزهر على مستوى الجمهورية، حتى إنه حدد الشهر المقبل لإقامته فى أسيوط.
يمكن القول إن هذه الخطوة مهمة لأسباب عدة، أهمها هو تصحيح رؤية شباب جامعة الأزهر لوزارة الثقافة ومنتجاتها، فكثير من أبناء الجامعة العريقة لا يعرفون العلاقة بين الأزهر والمثقفين سوى الاختلاف وحرب التصريحات المتناقضة بين الفريقين، وربما يعتبر البعض أن إصدارات الهيئات الحكومية لا تلتقى مع أفكارهم، وأنهم فى وادٍ والثقافة فى وادٍ آخر.
سبب آخر هو أن جامعة الأزهر حافلة بالموهوبين، وبدون ذكر أسماء، فإن كثيرا ممن يشكلون الصورة الأدبية فى مصر هم من خريجى جامعة الأزهر، لذا فسوف تساعد هذه المعارض الكثيرين على اكتشاف مواهبهم الإبداعية.
وجانب آخر مهم، هو كون معظم شباب جامعة الأزهر يذهبون لشراء الكتب من سور الأزبكية ومحال الكتب القديمة، وهذه الأماكن أصبحت تبيع الكتب بأسعار مرتفعة عما قبل، ومعظم أبناء الجامعة من أسر متوسطة الحال لذا هم يحتاجون إلى بديل «مناسب» يقدم لهم الكتب خاصة كتب التراث.
وفيما يتعلق بوزارة الثقافة، فإن مثل هذه المعارض سوف تنقذ الكتب المطبوعة فى المخازن، لذا نرجو أن تشارك الهيئة العامة لقصور الثقافة والمركز القومى للترجمة بشكل كبير فى ذلك، فالكتب المتكدسة فى مخازن الهيئات عند وجودها فى المعارض سوف تمثل تنوعا كبيرا فى المادة المقدمة للطلاب، وهناك شىء آخر مهم هو أنه يجب أن تكون الكتب الخلافية موجودة فى هذه المعارض، لا أن يقتصر الأمر على الكتب المنتقاة التى توافق آراء المسؤولين فى الجامعة، فالأفكار المختلفة التى تصل لمرحلة التناقض هى التى تصنع الجيل المختلف القادر على بناء المجتمع.
نتمنى لهذا المعرض أن ينجح وأن يحقق أهدافه، وأن يتم بشكل دورى فى بداية الدراسة الجامعية فى كل عام، وأن يلقى رواجا إعلاميا وأن يكون حافلا بالفعاليات الثقافية والمناظرات التى حتما سوف تضيف إليه بعد أن يشارك فيها كبار المثقفين ورجال الأزهر، وأن تناقش فيها كل القضايا بوضوح للوصول إلى منطقة اتفاق يمكن الانطلاق منها لبناء المجتمع.