لا أبالغ إذا قلت إن وزارة التموين الآن هى أخطر وزارة من بين جميع وزارات مصر، فعلى عاتقها تقع مسؤولية ضبط الأسواق ومراقبة الجودة ومكافحة الاحتكار والتهريب، كما تقع على عاتقها مسؤولية توفير السلع الأساسية للمواطنين فى جميع أنحاء مصر، وقد شهدنا خلال الأيام الماضية أزمات تتوالى فى هذا الملف الحيوى، فمن أزمة الأرز دخلنا إلى أزمة السكر، ولم تكن أزمة القمح قد حسمت بعد، بينما اشتعلت أزمة الزيت، وهو ما يؤكد أن الأمور قد تخرج عن السيطرة، إذا ما وقفت الدولة تتفرج على الأزمات تتوالى دون حسم واضح، أو إجراءات فعالة.
لا أريد هنا أن أظلم اللواء محمد على الشيخ، وزير التموين الحالى الذى تولى الوزارة فى ظل اشتعال الأزمات، فالرجل فى الحقيقة لا يملك أن يصلح ما أفسده الدهر على مدار السنوات الماضية، ولا يقدر أن يقف بمفرده فى ظل تناقص الموارد واشتعال أسعار العملة الصعبة، وتضارب السوق المصرفى، وعادات المصريين الشرائية المربكة، ولا يملك أيضا أن يقول للشىء كن فيكون، فضلا عن أن الوزارة بتركيبتها الحالية أصبحت مستنقعا للفساد، وليس أدل على هذا من انتشار أنباء القبض على مفتشى التموين الذين يبددون السلع المدعومة لحسابهم الشخصى، فما الحل وسط كل هذه الأزمات؟
الحل فى وجهة نظرى أن تتعامل الدولة مع هذه الوزارة بخطط عاجلة من أجل التدعيم والإصلاح والتطهير إن لزم الأمر، وللأسف سمعة الوزارة ومفتشيها متردية بشكل كبير، وهو أمر ترسخ فى العديد من السنوات الماضية، وللأسف أيضا فإن عملية إصلاح هذه الوزارة بات أشبه بالمستحيل فى ظل رسوخ الفساد وكثرة الفاسدين، ولهذا أتمنى أن نشهد فى الأيام المقبلة استغلالا أمثل لإمكانيات قانون الخدمة المدنية الجديد بعد إقراره فى إصلاح هذه الوزارة من الداخل، وذلك بمكافأة الصالحين والضرب بيد من حديد على الفاسدين، كما أتمنى ضخ دماء جديدة «غير ملوثة» إلى هذه الوزارة للعمل على تدعيمها وتطهيرها من براثن الفساد، الذى عشش فيها، كما أتمنى أن يدعم «مجلس الوزراء» بكامل هيئته هذه الوزارة فى مهمتها الشاقة، وأن تتضافر مجهودات جميع الهيئات الرقابية والتنفيذية فى إنجاح هذه الخطة، وإنقاذ المواطن من دوامات الاستغلال التى يقع فيها بداية من رغيف العيش وكشك السجائر وحتى السلع الاستراتيجية الكبرى.
إجراءات كهذه من شأنها أن تشعر المواطن بأنه فى دولة حقيقية.