علينا أن نعترف أن هناك أزمة فى العلاقات بين مصر والسعودية، وأن إعلان شركة أرامكو السعودية بوقف الإمدادات البترولية ولو لمدة شهر إلى مصر هو الذى جعل الكثيرين يتحدثون عن هذه الأزمة فى العلاقات.
ربما يكون التوقيت السيئ لإعلان أرامكو وأيضا إدارة قناة العربية التى تمولها السعودية لإغلاق مكتبها فى القاهرة، فى إطار خطة تقشف معلنة منذ 4 أشهر، هو الذى منح الأزمة التجارية أبعادا سياسية ومنح كل الأطراف المعادية وصاحبة المصلحة فى تباعد الرياض والقاهرة فى «النفخ فى الأزمة».
إعلان أرامكو تصادف مع التصويت الذى تم فى مجلس الأمن على المشروع الروسى والمشروع الفرنسى بشأن الملف السورى والتباين والاختلاف فى وجهات النظر بين القاهرة والرياض لحل الأزمة السورية، فمصر مع الحل السياسى والحفاظ على وحدة الأراضى السعودية وضد التدخل العسكرى الأجنبى، وهو ما يتقاطع مع الموقف السعودى من ضرورة ازاحة بشار الأسد من السلطة، وألا مستقبل له فى المشهد السياسى السورى فى حين ترى مصر، أن هذا ما يقرره الشعب السورى من خلال خارطة طريق سياسية.
الملف السورى ثم الجدل حول ملف جزيرتى تيران وصنافير هو ما يدفع إلى الإقرار بوجود أزمة حالية فى العلاقات الثنائية بين البلدين، لكن المسألة هنا أن التحديات والظروف والأوضاع السياسية والأمنية فى المنطقة تفرض على القاهرة والرياض التعامل مع الأزمة الحالية بحكمة وعقل وعدم السماح بتضخمها وتصاعدها وخروجها عن الاختلاف فى وجهات النظر، وهو حال العلاقات الدبلوماسية بين الدول، فالخلاف فى أزمة تجارية لا يجب أن ينسحب على مجمل العلاقات، خاصة أن السعودية ومصر هما جناحا لما تبقى من الأمن القومى للنظام الإقليمى العربى الذى يتعرض حاليا لأسوأ فتراته التاريخية منذ أيام التتار.. بعد انهيار الجيوش الوطنية التقليدية فى المنطقة مثل الجيش العربى السورى والجيش العراقى والوضاع السيئة فى اليمن وليبيا.
الواقع يتطلب أن يتجاوز الطرفان الأزمة العابرة التى قد تكون مجرد «سحابة صيف» فى آفق العلاقة بين البلدين، خاصة أن العلاقة بينهما هى علاقة استراتيجية وحيوية. وأظن أن الطرفين لن يسمحا بأى وقيعة بينهما لأن حدوث أزمة، لا قدر الله، لن يكون فى صالح الطرفين.. لذلك سوف تمر هذه الأزمة فلا القاهرة تتنى حدوث أزمة ولا الرياض تريدها أو تقدر على تداعياتها على الأقل فى المرحلة الحالية.