الخلاف فى وجهات النظر تجاه القضايا الإقليمية والدولية وارد دائمًا، وبالنسبة للكثير من القضية السورية هناك خلاف واضح منذ بداية الأزمة بين وجهتى النظر المصرية والسعودية، وهذا لم يمنع أن تستمر العلاقات الاستراتيجية بين القاهرة والرياض.
الخلاف حول الوضع السورى لم يبدأ من مجلس الأمن، الوضع فى سوريا بدأ ضمن موجات الربيع العربى، لكنه تحول إلى حرب واسعة بالوكالة، تشارك فيها أطراف متعددة، وبأشكال مختلفة، فقد تدخلت الولايات المتحدة وحلف الناتو، وكانت تركيا لاعبًا رئيسيًا، حيث انقلب أردوغان من حليف لسوريا والأسد، إلى عدو يتحدث عن تحرير الشعب السورى، وهو يهدف إلى انتزاع نفوذ فى الأراضى السورية.. تركيا كانت محطة دخول وخروج المقاتلين من داعش أو النصرة، والتمويل من قطر وبعض دول الخليج، والسلاح من الناتو.
كان المعلن هو دعم ما سمى الجيش السورى الحر، لكن السلاح والأموال تسربت إلى داعش والنصرة، ومن المفارقات أن دولًا تواجه هجمات من تنظيم القاعدة تدعم جبهة النصرة التى تتبع القاعدة، لكن السياسة أحيانًا تزيل الدهشة، لكونها تغير من تحولات الدول والأفراد وتوجهاتهم.
ومثلما حدث فى ليبيا، حيث تم تدمير النظام من دون بدائل، كان تصور بعض الدول الكبرى لسوريا، لكن النظام استمر، وانتبه قطاع من السوريين المعارضين لبشار والنظام فى سوريا إلى أنهم يسيرون نحو تسليم بلادهم لميليشيات داعش والقاعدة، وأن الأفضل الانخراط فى حل سياسى، لكن ميليشيات الأجانب تدعم الحرب، ولا مكان لها فى السلام.
روسيا ظلت تدعم النظام السورى، لكن العام الماضى شهد تحولًا جذريًا بتدخل روسى كبير، وبدأت الأزمة تتخذ أشكالًا أخرى، وبدا الحل السياسى مقبولًا بعد استمرار الأسد، وحتى تركيا أردوغان غيرت من تحركاتها، وبدت أقرب إلى الرؤية الروسية، لدرجة إجراء اتصالات مع النظام السورى، والحديث عن وفد تركى إلى دمشق.
التحول التركى يقوم على براجماتية واضحة، والسعودية تقبل موقف تركى متشعب ومتناقض، ويمكنها التعايش مع موقف مصرى يختلف مع رؤيتها تجاه الأزمة السورية، وهو موقف لم يتغير ويقوم على تصورات الأمن القومى، وعليه يبدو الخلاف واردًا، لكن الصدام مستبعد، وهو ما يُسقط كثيرًا من التحليلات المتعجلة أو الآراء التى انجرفت فى تلاسن وتنابز لاعلاقة له بالسياسة ولا بالمصالح.
الخلاف وارد، والصدام مستبعد، وهذه سنة السياسة.