برحيل الشاعر والإعلامى الكبير فاروق شوشة تكون اللغة العربية قد فقدت أحد عشاقها الكبار وسلطان الزاهدين العابدين فى محراب لغتنا الجميلة وفارسها الذى ترجل بعد أكثر من 60 عاما، لم نكن نخطئ صوته الشجى العذب والدافئ فى الإذاعة عندما كانت عشقنا الأول قبل زحام وفوضى الفضائيات، وكما أسهمت أم كلثوم فى شهرة شاعر النيل حافظ إبراهيم غنائيا فى قصيدة «مصر تتحدث عن نفسها».. أسهم أيضا فاروق شوشة فى شهرة واحدة من أجمل قصائد حافظ عن اللغة العربية تتحدث فيه عن نفسها ومطلعها «أنا البحر فى أحشائه الدر كامن فهل سألوا الغواص عن صدفاتى»، وهو بيت الشعر الذى كان مقدمة أشهر برنامج راحلنا المبدع فاروق شوشة «لغتنا الجميلة» طوال 50 عاما وبصوت الرائدة الإذاعية صفية المهندس، وكان واحدا من أجمل البرامج الإذاعية.
لكن ربما لا يعرف الكثيرون أن فاروق شوشة كان عاشقا أيضا للغة العامية وكتب الكثير من القصائد الغنائية لبعض المطربين.. حكى لى فى مثل هذه الأيام من العام الماضى عندما التقيته فى مطار دبى فى لقاء العودة إلى القاهرة بعد حضور مهرجان الشارقة للكتاب قصة أشهر أغنية بالعامية أعادت الشحرورة صباح إلى مصر عام 74 بعد فترة غياب طويلة واستقرارها فى بيروت، بسبب غضبها من مطالبة الضرائب المصرية مبالغ كبيرة منها، وانتشرت شائعات كثيرة حول خروجها من مصر.
غياب صباح كان مثار تساؤلات كثيرة، كما حكى لى شاعرنا الراحل، وفى مكتب الإذاعى جلال معوض وفى حضور الموسيقار الكبير محمد الموجى اتصل بها معوض للعودة والمشاركة فى حفلة أضواء المدينة.. وأمسك الموجى السماعة وبكى بشدة وهو يرجوها العودة، وكانت هى الأخرى تبكى على الجانب الآخر.. كان فاروق شوشة حاضرا الحوار وفكر فى كيفية رجوع الشحرورة. وعقب خروجه من الإذاعة وقيادته للسيارة لزيارة أحد أصدقائه فى مصر الجديدة، وفجأة توقف ووجد نفسه يكتب «والله واتجمعنا تانى يا قمر.. والله واتجمعنا واحلو السهر»، وفى اليوم التالى أعطى الأغنية لجلال معوض الذى فرح بها وصرخ بأن هذه الأغنية ستغنيها صباح، وسأله من كتب الأغنية فقال شوشة، إنه أحد الأصدقاء.. وأمام إصرار جلال معوض لصرف مكافأة للمؤلف والملحن والمغنية، حسب اعتراف شوشة بأنه صاحب الكلمات، فاندهش معوض، لأنه يعرف أنه يكتب بالفصحى، وكانت الأغنية سببا فى عودة صباح وغنتها فى حفلة أضواء المدينة عام 74.