للأسف يستغل بعض المرتزقة حالة الغضب الشعبي من ارتفاع الأسعار بطريقة هدامة خائنة، جماعات مجهولة وأصوات مشبوهة وقيادات خفية تدعو إلى ما يسمى بثورة في يوم 11-11 القادم، لا يريدون من إشعال نار الغضب على حطب الحالة الاقتصادية المنهكة سوى إنهاك الوطن والمواطن، لا يضعون في حسبانهم فقراء ولا مرضى ولا ضعفاء ولا أطفالا، لا يخشون على أبنائنا من القادم، ولا يعظمون من أهمية الحفاظ على الوطن ومصالحه ومقدراته، كل ما يهمهم هو أن يتصدروا المشهد، فتصبح آهات المحتاجين خلفية موسيقية درامية لخطبهم الجوفاء، وتصبح النيران المشتعلة في أجساد الغاضبين مجرد مصباح إضاءة لمشهد ادعاء الثورية.
أنت غاضب وأنا كذلك، لكن في ظل حالة الإنهاك القصوى التي يمر بها الوطن لا مكان لمثل هذه الدعوات الهدامة، فالعمل هو سبيلنا الوحيد للخروج من الأزمة المحيطة بنا، والنقد البناء هو الأداة الوحيدة التي يجب أن نعتمد عليها دون خشية من قول الحق أو خوف من اضطراب مسئول، فالوطن من وراء القصد، وقد عرف التاريخ الكثير من أنواع النضال، منها النضال ضد الحكام والسياسيين، ومنها النضال ضد العادات السيئة للشعوب، وكما يسقط في الثورة الشهداء، يسقط أيضا في سبيل التنوير شهداء، لكن تصدر مظاهرة أو مسيرة أسهل كثيرا من تصدر طليعة تنويرية تدرك حجم المخاطر التي تحيط بما، وتنزف يوميا في ميدان التنوير والتثقيف والتوعية والتفكير والعمل والمبادرة.
برغم هذا كله فأنا أعلم تماما يوم 11-11 سيكون يوما عاديا لا يختلف كثيرا عن اليوم الذي قبله أو اليوم الذي سيأتي بعده، فلا الشعب مستعد للقيام بثورة، ولا الثورة قادرة على حل أزمات الشعب، ولهذا أرى أن تضخيم هذا اليوم والحديث عنه في وسائل الإعلام المختلفة أمر تافه غير جدير بالاحترام أو المتابعة ، ومن ناحية أخرى يستمتع الإرهابيون بالترويج لهذا اليوم لكي يصير فزاعة للجميع وعامل إرهاب للمستثمرين ورجال الأعمال فيصاب السوق بالشلل ، وبهذا نهدم بيوتنا بأيدينا وبأيدي الإرهابيين ، فاعملوا وفكروا وبادروا وانتقدوا ودعكم من موجات التفزيع والتفزيع المضاد ، أو باختصار "العبوا غيرها".