شعرت بسرور وفخر عظيمَين لحلول دولة الإمارات العربية المتحدة فى المرتبة الثالثة بين 141 بلداً فى التصنيف الذى وضعه "المنتدى الاقتصادى العالمى"، وذلك فى إطار دراسة استندت فى شكل أساسى إلى "معدلات الجرائم العادية والعنف والإرهاب، ومدى القدرة على الاعتماد على خدمات الشرطة للحماية من الجرائم".
لطالما كنت معجباً بشكل كبير بالشرطة الإماراتية المتقدمة والمتطورة تكنولوجياً التى ترسى توازناً بين الفاعلية فى ضبط الأمن من جهة والاحترام من جهة ثانية عند التفاعل مع المواطنين والمقيمين على السواء. فى يوليو، نالت القيادة العامة شرطة دبى جائزة "أفضل استراتيجية للموارد البشرية فى الخارج" فى حفل توزيع جوائز "التميز فى الموارد البشرية" فى لندن – وهذا ليس سوى مجرد مثال عن قائمة طويلة من الانجازات العالمية.
الإمارات هى موطن القوانين التى تشمل السلوكيات العامة بما يتماشى مع قيمنا الثقافية. يُشجَّع الجميع على التمتع بالحياة والترفيه عن أنفسهم، شرط احترام حقوق الآخرين. تُفرَض عقوبات قاسية على تجار المخدرات والمدمنين، وتنطبق هذه العقوبات على الجميع بغض النظر عن الجنسية – وقد تعرّضت الإمارات للانتقادات أحياناً فى وسائل الإعلام الأجنبية على خلفية هذه المسألة. لا نقدّم اعتذاراً لأحد. لقد ساهمت المبادئ التوجيهية عن "الصواب والخطأ" والعقوبات الواضحة والمعلومة، فى إرساء مستوى من الأمان تحسدنا عليه البلدان الأخرى.
الأمان الذى تنعم به الإمارات ليس شيئاً جديداً بالنسبة إلينا نحن المحظيين بالعيش فى هذا البلد الذى تحوّل فى زهاء نصف قرن إلى نموذج يحتذى به للعالم العربى فى جوانب كثيرة، لكن من الجميل أن نشعر بأن جهودنا لقيت اعترافاً عالمياً، لا سيما فى منطقة ترزح تحت وطأة العنف والاضطرابات.
اللافت هو أن الإمارات تتقدّم بأشواط على جميع البلدان الأوروبية ما عدا فنلندا. المفاجأة بالنسبة إلىّ هى أن بريطانيا التى لطالما اعتُبِرت آمنة احتلت المرتبة الثالثة والستين، فيما حلّت الولايات المتحدة الأمريكية فى المرتبة 73.
ورد فى التقرير الصادر حديثاً عن المنتدى الاقتصادى العالمى أن دولة الإمارات "أرست بيئة فريدة لاستقطاب الزائرين بداعى الأعمال والترفيه على السواء. فمن معرض إكسبو 2020 الذى ستستضيفه دبى إلى بناء متحفَى اللوفر وهوفنهايم، تستمر الإمارات فى تطوير قطاع السفر والسياحة وتوليه أهمية كبيرة". ويأتى التقرير أيضاً على ذكر "البنى التحتية الذائعة الصيت عالمياً فى مجال النقل الجوى" التى تتمتع بها الإمارات وموقعها الذى يجعل منها "بوابة للأوروبيين إلى أفريقيا والشرق الأوسط وآسيا".
وتحتل الإمارات أيضاً مرتبة متقدّمة جداً فى مؤشرات عالمية أخرى. فقد حصدت المرتبة الثانية عشرة فى "مؤشر الابتكار العالمي"، والأهم من ذلك، تحتل المرتبة الـ28 بين 157 بلداً فى تصنيف البلدان الأكثر سعادة، بحسب "تقرير السعادة العالمى لعام 2015".
قليلة هى الأماكن فى عالمنا حيث يستطيع المرء أن يتجوّل فى أى وقت من النهار أو الليل من دون الخوف من الوقوع ضحية اعتداء أو من التعرض للسرقة عند جهاز الصرّاف الآلي. لطالما كانت الإمارات العربية المتحدة من هذه الأماكن القليلة على امتداد الذاكرة الحية. ما زلت أتذكر الزمن الغابر عندما لم تكن الأكثرية الساحقة تغلق أبوابها بالقفل عندما تخرج من منازلها. بالطبع، مع التزايد فى أعداد السكان والعابرين فى البلاد، لا بد من توخّى مزيد من الحذر فى أيامنا هذه، غير أن هذه الثقافة لا تزال قائمة.
التسامح والانفتاح هما أيضاً من القيم الجوهرية فى هذا البلد المتعدد الثقافات. تضم الإمارات أكثر من مئتَى جنسية مختلفة تساهم كل منها فى طابع البلاد الفريد من نوعه. على النقيض من عدد كبير من البلدان المجاورة السيئة الحظ، ليس للمذهبية وجود فى القاموس الإماراتي.
يعمل الناس ويتآلفون فيما بينهم بعيداً من حواجز العرق أو الدين أو اللون. ووجد استطلاع أجرته صحيفة "ذى ناشونال" العام الماضى أن تسعين فى المائة من المستطلَعين اعتبروا أن "لقاء أشخاص من ثقافات مختلفة كان مفيداً لهم فى تكوين نظرتهم إلى العالم".
انطلاقاً من هذه الروحية، أطلق الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء فى دولة الإمارات حاكم دبى، مبادرة عالمية للتسامح بهدف مكافأة من يعملون على تعزيز التسامح فى مجالات متعددة، وفى شكل خاص، بث روح التسامح لدى الشباب العرب.
لطالما قلت لمن له آذان صاغية إن الإمارات هى أرض الأمان والفرص والتسامح. من لم يسبق له أن زار بلادنا يتعامل فى معظم الأحيان مع كلامى بتهكّم. أرى شكوكاً فى عيونهم. يبدو كلامى بالنسبة إليهم أجمل من أن يُصدَّق. لكنه كلام صحيح، ويعود الفضل فى التطور الذى عرفته الإمارات إلى المؤسّسَين، المغفور لهما بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان والشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم اللذين أرسيا أسس مجتمع مزدهر ومنفتح ونابض بالحياة.
أتوجّه بالتهانى إلى الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات حاكم أبوظبى، والشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس الوزراء فى دولة الإمارات حاكم دبى، والشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولى عهد أبوظبى، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وحكّام الإمارات الأخرى على بنائهم تلك الأسس حجراً حجراً، ولأنهم يسعون دائماً إلى التفوق وتحقيق الأفضل لبلادنا.
إنهم من طينة مختلفة تماماً عن القادة الآخرين الذين يضعون مصالحهم، ومصالح أفراد عائلاتهم والمقربين منهم فى رأس أولوياتهم. بالنسبة إلى قادتنا، الشعب هو بمثابة أسرةٍ لهم، والزوار والمقيمون هم ضيوف أعزّاء واجبٌ تكريمهم. لا يتعاملون مع الأشخاص وكأنهم مجرد أرقام أو إحصاءات، بل ينظرون إليهم ككائنات بشرية وشركاء فى الطريق نحو النجاح، ويتشاركون معهم مسؤولية فرض الأمان فى أرضنا وعلى حدودنا.
أودّ أن أذكّر المواطنين والمواطنات فى الإمارات بأن قادتنا استثنائيون؛ عليهم أن يشعروا بالفخر ويكونوا ممتنّين لما حققه هذا البلد الرائع الذى نهض من الرمال القاحلة ومن المجهول وحجز له مكانة بارزة على الخريطة العالمية.
لطالما كان هدفنا العيش بأمان والعمل من شروق الشمس حتى غروبها سعياً وراء النجاح. رغبتى الكبرى هى أن يختار أشقاؤنا العرب مساراً مماثلاً. لقد نجحنا على الرغم من كل العوائق، وهم أيضاً قادرون على ذلك إذا فكّروا بالطريقة الصحيحة، وإذا قدّمنا لهم المساعدة والنصائح.