تتبدل أوراق اللعب فى الشرق الأوسط، وإذا كان الرئيس الراحل السادات قد قال بعد حرب 1973، إن 99% من أوراق اللعب فى يد الأمريكان، فإنه الآن 99% من أوراق اللعب فى المنطقة فى يد روسيا الاتحادية، مؤشرات كبرى تجرى علانية، حيث قام رئيس مكتب الأمن الوطنى السورى اللواء على مملوك يرافقه ستة من رجال الأمن السوريين بزيارة رسمية للقاهرة بدأت الأحد 16 أكتوبر وليوم واحد بدعوة من الجانب المصرى، التقى فيها مع كبار المسؤولين الأمنيين المصريين، وتم الاتفاق بين الجانبين بحسب ما ذكرت وكالة سانا السورية على تنسيق المواقف سياسيا بين سوريا ومصر، وكذلك تعزيز التنسيق فى مكافحة الإرهاب الذى يتعرض له البلدان.
ومن الأهمية والتفرد للقاء القمة الأمنى إلى تفرد آخر ذى دلالة كبرى على المستوى العسكرى، فمنذ الاثنين 17 أكتوبر وبمشاركة وحدات من القوات فى كل من مصر وروسيا انطلقت من منطقة العلمين مناورات «حماة الصداقة» التى يشارك بها أكثر من 500 عسكرى من البلدين وطائرات وآليات عسكرية، ويفترض أن تقوم خلالها وحدات من القوات الخاصة من البلدين بالتدريب على مجموعات مسلحة بتدريبات مشتركة، وهذه التدريبات العسكرية المشتركة هى الثانية بين البلدين بعد المناورات التى جرت فى مياه البحر الأبيض المتوسط فى يونيو العام الماضى، وشهدت مشاركة لافتة للطراد الصاروخى الروسى «موسكفا» رائد الأسطول البحرى الروسى فى البحر الأسود، لكن مناورات هذا العام تأتى فى تطورات أكثر تعقيدا فى الحرب الباردة الجديدة بين روسيا وأمريكا خاصة فى الجبهة السورية، والموقف المصرى الثابت من الأزمة السورية.
هناك أيضا تقارب مصرى إيرانى يلوح فى الأفق بعد أن ظل التقارب المصرى الإيرانى لا يتعدى حدود إشارات ضمنية تحملها تصريحات أحد مسؤولى البلدين، حتى تم الكشف عن اللقاء الأخير الذى جمع وزير الخارجية المصرى سامح شكرى بنظيره الإيرانى جواد ظريف، فى نيويورك نهاية سبتمبر الماضى، وذلك على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتبدد الغموض حول الهدف وراء اللقاء مع تصريحات الخارجية المصرية التى أوضحت أن اللقاء بين الوزيرين تناول بالأساس الأنشطة الخاصة بحركة عدم الانحياز ومواقف أعضاء الحركة تجاه القضايا الإقليمية والدولية المختلفة، وعلى وجه الخصوص أهمية تنسيق المواقف فى إطار عضوية كل من مصر وإيران فى المكتب التنسيقى للحركة. وأضافت الخارجية على لسان المتحدث باسمها أحمد أبو زيد، بأن اللقاء تناول أيضًا عددًا من الملفات الإقليمية والأزمات الراهنة فى الشرق الأوسط، وفى مقدمتها الوضع فى سوريا فى إطار عضوية البلدين فى المجموعة الدولية لدعم سوريا، حيث تم التأكيد على أهمية التوصل إلى وقف فورى لإطلاق النار، والتزام جميع الأطراف داخل سوريا به.
بينما وجدت الخارجية الإيرانية فى اللقاء فرصة سانحة، لتؤكد أنه يمكن أن يكون ركيزة لمزيد من الاتصالات والمحادثات بين طهران والقاهرة، لاسيما فيما يخص قضايا المنطقة.
وقال المتحدث باسم الخارجية الإيرانية بهرام قاسمى: إن لقاء وزراء البلدين على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة جرى فى إطار اتصالات ومشاورات إيران وكان حول قضايا المنطقة. ونشرت الصحف الإيرانية موقف الرئيس السيسى أن الحل السلمى هو الأفضل لليمن، مع الإشارة إلى استحالة مشاركة القوات المسلحة المصرية بريا فى اليمن، إضافة للإشادة بالموقف المصرى فى القضية السورية الذى يرى ضرورة الحل السلمى للقضية السورية، ولعل هذا ما يفسر تصويت مندوب مصر لدى مجلس الأمن لصالح المشروعين الفرنسى والروسى بشأن سوريا، ما أغضب حلف الرياض فيما بعدو، ورغم التقارب الظاهر بين البلدين إلا أن ثمة خلافات بين القاهرة وطهران، تتعلق باسم شارع وإيواء إرهابيين.
هذه المؤشرات إن دلت على شىء فهى تدل على مكانة مصر الإقليمية والدولية، وأن موقفها الذى يفضل الحل السلمى فى اليمن وسوريا ربما يشكل حجر الزاوية فى إنهاء الحربين الدائرتين بلا طائل دون أن يخل بالعلاقات المصيرية السعودية المصرية، والخليجية المصرية، الأمر الذى يجعل بعض المراقبين يتحدثون عن مبادرة مصرية لإنهاء الحروب العربية العربية.