هناك شىء خطأ يحدث خلف الكواليس وبعيدا عن العيون وغير مفهوم أو معلوم أسبابه!
وبدأ موسم إسقاط أحكام الإعدام ضد الإرهابيين والخونة، بعد استمرار فصول المحاكمة سنوات تتجاوز الثلاثة، لنعود إلى المربع رقم صفر.
ولا يهمنى هنا أن أشتاط غضبا وسخطا، ويرتفع ضغطى لمعدلات غير مسبوقة، ولا «سكرى يتحرق»، لأن الإرهابى القاتل المجرم «حبارة» لم تتم محاكمته حتى الآن، أو أن محكمة النقض تعيد محاكمة الذين قتلوا ومثلوا بجثث جنود وضباط قسم كرداسة، والمسجلة صوتا وصورة، عيانا جهارا، إلى المربع رقم صفر، أو لم تتم محاكمة حازم ابوإسماعيل الذى حاصر المؤسسات، وأسس لجماعة إرهابية قاتلة، يطلق عليها «حازمون»، ويجلس فى السجن، معلوفا، ويخطب فى المساجين، ويضع الخطط لإثارة الفوضى فى الشارع.
ولا يهمنى أيضا، إن كان «حبارة» ورفاقه المجرميون، قد أنجبوا أطفالا وهم فى السجن، حيث يسمح لهم بممارسة الخلوة الشرعية، وسط قوة تأمين من الشرطة، لينجبوا أطفالا، يكونون نواة لخلايا متطرفة جديدة، ويستمر نسل الإرهابيين، يغذى ويمد الحياة للتنظيمات والجماعات المتطرفة والتكفيرية.
ولا يهمنى المجازر التى ترتكب فى محافظة قنا وبشكل شبه يومى، رغم صرخاتى هنا فى هذه المساحة، حيث كتبت عشرات المقالات أحذر فيها من كارثة الضعف الأمنى فى قنا، وتحديدا شمال المحافظة، يصل إلى حد التواطؤ، وأن المنظومة الأمنية بمعظم قيادتها فى المحافظة، سطرت مجدا مدهشا فى الفشل، فيخرج السيد وزير الداخلية مجدى عبدالغفار لتغيير كل مديرو الأمن فى حركة الشرطة الماضية، ويبقى فقط على مدير أمن قنا، ورجاله، فى مكافأة عجيبة، وكأن السيد الوزير يبعث برسالة «مكايدة» مفادها: «طالما تهاجمون مدير أمن قنا، سأبقيه فى منصبه»، فكانت النتيجة أن الكوارث تزيد ويستفحل خطرها، بل ومن المتوقع وفى ظل الانفلات الأمنى أن الأيام المقبلة، ستتصاعد وتتسع دوائر العنف المسلح بين العائلات والقبائل بما لم تشهده المحافظة من قبل.
ولا يهمنى أيضا، ضعف أداء الحكومة، وغياب الرقابة على الأسواق، ما أدى إلى استعار وتوحش التجار المحتكرين، والمتلاعبين، والمفسدين، وعندما تحركت الحكومة، بعد خراب مالطة، سمعنا عن حجم أطنان السكر المخزنة، والسلع الحيوية المهربة إلى ليبيا، والمتلاعبين بالدولار، وضبط عدد كبير من الذين يهربون مئات البطاقات الائتمانية خارج البلاد لاستنزاف مواردها الدولارية.
ولكن الذى يهمنى هنا، الإجابة عن عشرات الأسئلة التى تشتعل فى صدور شرفاء هذا الوطن الذين يدافعون عن أمنه واستقراره، ويتحملون كل المتاعب والمشاق والمصاعب من أجل نهضته، ويقدمون فلذات أكبادهم فداء للدفاع عن مصر ومقدراتها.
وأول هذه الأسئلة، أنه مادامت الحكومة تحركت واستطاعت تشديد الرقابة وضبط كل هذه الأطنان من السكر والسلع الاستيراتيجية المهربة، لماذا لم تتحرك منذ البداية، وتحشد كل الجهود لوأد الأزمات فى المهد؟
ولماذا تنسى الحكومة، وعدد من المؤسسات واجباتها «الهوم وورك» المنوطة بها ولا تضطلع بدورها بكل قوة وأمانة؟ ولماذا يشعر المواطن البسيط أن القوانين فى مصر مكبلة وبطيئة وعاجزة ومنكسرة ومليئة بالثغرات فتستمر محاكمة إرهابيين اعترفوا بكامل إرادتهم، وبالأدلة الدامغة صوتا وصورة التى تثبت تورطهم فى ارتكاب مجازر خطيرة، سنوات طويلة دون صدور حكم نهائى بات؟
ولماذا استقر فى يقين الحكومة أن التحرك لحل أزمة ما يأتى بعد خراب مالطة وإن جاء التحرك فإنه يسير بسرعة السلحفاة؟ ولماذا تعشق تبنى سياسة رد الفعل وتكره روح المبادرة وتكون الفعل؟ وألا يوجد عقلاء بين صفوفها يتخذون قرارات فاعلة وسريعة تمنع وقوع الكوارث ولا تنتظر حدوثها؟
الحقيقة أن «علف وتسمين» الإرهابيين فى السجون، وتشكيل فرق أمنية لتأمين خلوتهم الشرعية مع زوجاتهم ليمارسوا علاقاتهم الحميمية بكل أمن وأمان لإنجاب أطفال يحملون شعلة أفكار آبائهم، إنما يشيع بين الناس اليأس والإحباط، وينثر فى صدورهم حقيقة ضعف وترهل الحكومة الشديد، وعدم القدرة على العبور بالبلاد إلى بر الأمان.
هناك شىء خطأ يحدث خلف الكواليس وبعيدا عن العيون، وغير مفهوم أو معلوم أسبابه وأسراره، فيا ترى ما هو هذا الأمر الشبيه بالسر الدفين؟!.. ننتظر الإجابة.. ولكٍ الله يا مصر...!