بينما يتهم البعض حكومة شريف إسماعيل بأنها لا تعمل، وإذا عملت فإنها لا تهتم بالترويج لأعمالها وإنجازاتها، يتخذ رئيس الوزراء منحى مختلفا فى اتخاذ القرارات والتحرك لمواجهة الأزمات وإعلانها فى المؤتمر الصحفى، بعد الاجتماع الأسبوعى للحكومة، وآخر هذه القرارات إعلان التقشف وتخفيض نفقات الوزارات بنسبة عشرين بالمائة، وكذا تخفيض البعثات الدبلوماسية بالخارج للوزارات بنسبة خمسين بالمائة.
رئيس الوزراء رفع شعار «لن نتقاعس أبدا»، ووجه الوزارات بتقديم جميع الخدمات للمواطنين، مؤكدا أن الإجراءات التقشفية لن تؤثر أبدا على جهود الحكومة فى تقديم الخدمات، ولن تمس الأجور والرواتب والموازنة الاستثمارية، يعنى باختصار هو نوع من تقديم النموذج والمثال من قبل الحكومة فى الظروف الاقتصادية التى تمر بها البلاد.
برافو شريف إسماعيل، برافو الحكومة وأجهزتها التى تعمل فى مسارين متعارضين، فهى تقبل أن يحملها المواطنون مسؤوليات أى حكومة اشتراكية بما يعنى توفير السلع والخدمات بسعر مدعم يستفيد منه الغنى والفقير، وفى الوقت نفسه تسمح بنمو القطاع الخاص وفق مبادئ اقتصاد السوق وحرية التجارة، ورغم الكلفة الهائلة لاستمرار النمطين معا، ورغم سيادة نمط السوق السوداء وغلبة الجشع على ممارسات القطاع الخاص، تواصل الحكومة السير على الحافة بين النمطين حتى لا يشعر المواطن بأى نقص فى الخدمات بالسعر المدعم.
وهنا لابد من وقفة حاسمة من الحكومة وأجهزتها التى لا يجب أن تستمر فى هذا النمط الاقتصادى المزدوج والمكلف، فالتقشف مطلب عام، ولكنه لا يخص الحكومة فقط، بل يخص كذلك الشركات والهيئات والأفراد، كل بحسب اختصاصاته واحتياجاته، فالشركات والهيئات عليها تعظيم الاعتماد على المكون المحلى والأيدى العاملة المحلية، وفتح أسواق جديدة فى الخارج حتى نتغلب على نقص الدولار أو بالأحرى نزيف الدولار، كما أن الأفراد خارج الفئات محدودة الدخل والفقراء ليس من حقهم الاستفادة من السلع والخدمات المدعمة.
نحتاج من الحكومة لترسيخ مفهوم التقشف بالتشديد الرقابى على التجار الجشعين الذين ينهبون أموال الفقراء، لتحقيق الأرباح الحرام، وكذا تغليظ عقوبة المتهربين من الضرائب، وتخصيص الدعم فقط لمن يستحقونه بتحويله إلى دعم نقدى، جنبا إلى جنب مع إنتاج ما نحتاج من السلع الأساسية، وساعتها، لن نعانى من أى أزمات.