كلما حاول البعض تصوير هذا البلد على أنه وصل إلى مرحلة اليأس والاحتقان، يحدث ما يفند هذه الادعاءات عمليا على الأرض، فالمصريون دائما يفاجئون العالم كما يفاجئون الأفندية أصحاب الياقات البيضاء والمنظرين فى مكاتبهم، بأن لديهم حلولهم للمستقبل وأن تصوير مصر من خلال برنامج ينسحب عليها وعلى غيرها من البلاد خطأ مطلق.
ارجعوا بالذاكرة قليلا للوراء أياما فقط، قبل انطلاق مؤتمر الشباب فى شرم الشيخ، عندما كان كوكب السوشيال ميديا يحاول فرض مناخ اليأس والإحباط على الناس من خلال تضخيم أزمات السكر والأرز وبالونات 11-11 وتداول المقال الأخير لـ«ديفيد هيرست» بما يحمله من سموم وأخطاء مهنية ومعلومات قديمة، ألم يغير مؤتمر الشباب هذا المود فعلا، بما كشفه من حقائق بسيطة وجوهرية، أولها أن بلدنا به طاقات رائعة وخلاقة، وأنه آن الأوان لتفعيلها بفتح المجال واسعا أمام الشباب النابه والمتفوق ليقودنا فى المرحلة المقبلة؟
ألم يكشف المؤتمر الذى جمع رجال الدولة والمعارضة وشباب الأحزاب والمنظمات الأهلية، أن استعادة لحظة 30 يونيو مرة أخرى ممكن، وأن الحوار الوطنى حول أعقد القضايا وأكثرها إلحاحا يمكن إدارته بشكل راقٍ ومنظم والخروج منه بقرارات وتكليفات واضحة؟ ألم يطالب أسامة الغزالى حرب المحسوب على المعارضة الرئيس بالإفراج عن الشباب المحبوسين بسبب قانون التظاهر، وعلى الفور رد الرئيس بتكليف محمد عبد العزيز بتشكيل لجنة من البرلمانيين الشباب للنظر فى قوائم المحبوسين تمهيدا للإفراج عنهم وفق القانون والدستور.
ألم يطرح النائب جون طلعت خلال المؤتمر اقتراحا بنزول النواب إلى دوائرهم لحض الشباب للمشاركة فى انتخابات المحليات حتى نخلق جيلا جديدا من القادة، وبالفعل حظى الاقتراح بكثير من الترحيب، وبدأ النواب يستعدون للترويج لانتخابات المحليات فى الشوارع، مع ما يمكن أن يعود به هذا العمل من فوائد جمة على مستوى تحريك الركود السياسى وتنشيط الأحزاب وخلق بيئة سياسية أكثر حركة وفاعلية؟
ألم يشهد المؤتمر حوارا صريحا بين الرئيس والشباب ورجال الدولة حول مشكلات التعليم المصرى والأولويات الواجب مراعاتها عند التصدى لهذا الملف الحيوى؟ ألم يقترح الشباب أفكارا وحلولا يمكن الاستفادة منها واعتمادها فى المستقبل القريب؟
مؤتمر الشباب، إذن، هو النموذج الواجب اعتماده كإطار للحراك السياسى فى المستقبل، هل يمكننا فعل ذلك بأن نتبنى منهج الحوار والتعاون والتصدى معا لمشكلاتنا الملحة؟ يارب.