تبذل إيران الراعية الأكبر للإرهاب فى العالم قصارى جهدها كى تسوّق نفسها لدى النخب فى واشنطن وتلقى حظوة لديها، وذلك من خلال تقديم نفسها فى صورة جديدة تدّعى من خلالها الترويج لثقافة "سلمية" – وهذا كله يحدث بسبب السياسة التى ينتهجها الرئيس أوباما الذى فتح اتفاقه مع الشيطان هذه النافذة أمام إيران للمرة الأولى منذ قيام هذه الأخيرة باحتجاز 66 رهينة أمريكية طوال 444 يوماً خلال سبعينيات القرن الماضى.
تعمد إيران حالياً، بعدما ازدادت ثروتها بمليارات الدولارات، ومع إحكامها قبضتها على ثلاث دول عربية على الأقل – تعمد إذاً إلى تخصيص مبالغ طائلة (900 مليون دولار أمريكى خلال العام الماضى وحده)، لتعزيز نفوذها لدى الساسة وصنّاع القرارات النافذين فى واشنطن، وبالطبع وسائل الإعلام الأمريكية تحت ستار "تعزيز الصداقة بين الشعبَين الإيرانى والأمريكي"، كما كتب محمد عبدالله محمد فى صحيفة "الوسط" البحرينية.
يشكّل المجلس الوطنى الإيرانى الأمريكى إحدى القوى المحفّزة الأساسية خلف جهود اللوبى الديناميكية التى تبذلها إيران، وقد استعان بكل معارفه وبشبكة علاقاته كاملة فى كتابه الأسود لإقناع الكونغرس بإقرار الاتفاق النووى الأمريكي-الإيرانى.
مؤسس المجلس هو الموظف السابق فى الكونغرس والكاتب تريتا بارسى الذى ثبت أنه مقرَّب من الأوساط الداخلية النافذة فى واشنطن، ومن وزير الخارجية الإيرانى محمد جواد ظريف. ربما كانت العلاقة بين هؤلاء الأفرقاء لتبقى طى الكتمان لولا الخبايا التى كشفتها دعوى قانونية يتم البتّ فيها.
لقد صرّح بارسي، وهو مواطن أمريكى من أصل سويدي، متبجّحاً لموقع "المونيتور" أنه أمرٌ معهود أن يسأله المشرعون الأمريكيون: "ما السبيل كى أتحدث مع ظريف؟ كيف يمكننى التواصل مع الإيرانيين؟" ومع ذلك، ينكر أنه رجل إيران فى واشنطن.
بحسب مجلة "الأوبسرفر"، أنشئ المجلس الوطنى الإيرانى الأمريكى بهدف "إرساء توازن بين مجموعات اللوبى الشرق أوسطية المتنافسة"، ومن أجل "التشويش على التحالف الأمريكى مع إسرائيل، كى تتمكن الثيوقراطية الشيعية فى إيران من التسلّل إلى الأوساط الدبلوماسية الأمريكية".
يسأل مقال نشرته مجلة "ذى أمريكان ثينكر": "هل تعمد إيران إلى تعزيز نفوذها فى الجامعات الأمريكية حيث توجد فى الأصل شبكة من المدافعين عن نظام الملالى الإيراني؟"، ويتوقّع انطلاق موجة جديدة فى هذا السياق.
يعتقد كاتب المقال أن هناك "كشّافة" يهيّئون الأرض من أجل بث العقيدة الموالية لإيران فى أوساط المجتمع الأكاديمى الأمريكي، ويتحدّث عن جمعية خيرية "خاضعة للسيطرة الإيرانية" قامت بتمويل عشرات المقررات فى اختصاص الدراسات الفارسية فى الكليات والجامعات الأمريكية.
بصريح العبارة، يسعى الملالى إلى إخفاء غسيلهم القذر والظهور فى حلّة جديدة، ولهذه الغاية يستغلّون مؤتمرات الصداقة، والصحافيين المتعاطفين معهم (والمأجورين على الأرجح)، والمتحدّثين والأكاديميين الأمريكيين من أصل إيرانى.
المؤسف أنهم ينجحون إلى حد ما فى التلاعب بالسياسيين لدفعهم إلى نسيان جرائمهم السابقة بحق أمريكا وحلفائها، فيلجأون إلى الكلام المراوغ والمعسول ليُظهروا إيران فى صورة الكيان الحميد الذى يساء فمهه، فى حين أنها تقمع فى الواقع السنّة والأقليات الأخرى، وترجم النساء حتى الموت، وتعلّق المشانق فى رافعات البناء، وتؤجج الاضطرابات المذهبية فى المنطقة.
إياكم أن تتخيلوا للحظة واحدة أن إسرائيل هى الهدف الأساسى للوبى الإيراني! الغاية وراء هذا السيناريو هو التلاعب بمشاعر العرب الداعمين لفلسطين، فى حين أن إيران لم تفعل شيئاً للفلسطينيين ما عدا منح حركة "حماس" وسواها من التنظيمات المقاوِمة حفنة من الدولارات. السعودية ودول الخليج هى الهدف الأساسى الذى تصوّب إيران سهامها نحوه، فهذه الدول تقف سدّاً منيعاً فى وجه الأطماع الإيرانية للهيمنة على المنطقة.
يجب التصدّى مباشرةً لهذا الوضع الخطير، ولذلك أوجّه نداء قوياً إلى قادة دول مجلس التعاون الخليجى للمبادرة بصورة عاجلة وملحّة إلى وضع استراتيجية مضادّة. يعمل المسئولون الإيرانيون ومبعوثوهم فى الأراضى الأمريكية على تشويه سمعة البلدان العربية، ويعيدون كتابة التاريخ لمصلحة إيران، وهذا لا يجب أن يمر مرور الكرام بل ينبغى الرد عليه بالطريقة المناسبة.
أدعو قادة دول الخليج إلى التشاور مع شخصيات مدنية مرموقة لوضع خريطة طريق من أجل الاستعانة بفريق متخصص من الخبراء فى العلاقات العامة ومن الكتّاب والأساتذة والأكاديميين وقادة المجتمعات الذين يتمتعون بالمؤهلات اللازمة لدحض الانطباعات السلبية عن العرب فى الجامعات والمؤتمرات والمحافل الأمريكية (والأوروبية). لدى شخصياً أفكاراً كثيرة، وأكون ممتناً إذا جرى أخذها فى الاعتبار فى النقاشات.
لطالما أساءت هوليوود إلى صورة العرب واستخدمت أفكاراً نمطية مبتذلة ومهينة فى أفلامها. أما وسائل الإعلام التابعة للشركات فتتحدث فى معظم الأحيان بطريقة سلبية عن المملكة العربية السعودية وأصدقائها. باختصار، على الرغم من وجود مجموعات لوبى عربية، إلا أن معظمها صغير الحجم وغير فاعل ويفتقر إلى النفوذ اللازم.
حان الوقت ليعرف الأمريكيون مَن نحن ويتعرّفوا على إنجازاتنا على امتداد التاريخ. يمكن تحقيق ذلك. قبل ثلاثين عاماً، كانت الإمارات العربية المتحدة مجرد نقطة على الخريطة، وقلّة من الأمريكيين خارج قطاع النفط والغاز كانوا قد سمعوا بها.
لقد بذلنا جهوداً حثيثة لبناء دولة حديثة، وصرخنا بأعلى صوتنا لتسليط الضوء على إنجازاتنا، فأخذ الجميع علماً بها. هذا ما يجدر بمواطنى السعودية ودول الخليج القيام به من أجل التخلص من الأفكار النمطية الخاطئة عن العرب والعالم العربى والدين الإسلامى.
كانت مفاجأة سارّة لى عندما شاهدت قبل بضعة أيام شريط فيديو عن المخرج وكاتب السيناريو الأسطورى فرانسيس فورد كوبولا يتحدّث فيه بشغف عن قيم الإسلام الجوهرية الجميلة، وعن سمو الدين الإسلامى وما ينادى به من رحمة وتسامح. لقد ذُهِلت بكلماته البسيطة والنابعة من القلب.
شعرت بأن كوبولا يكنّ حباً صادقاً لهذه الديانة العظيمة. أين هم المسلمون العرب الذين يستطيعون مخاطبة القلوب والعقول من أجل تعزيز فهم الإسلام الصحيح وفضائل الاحترام والتسامح والقيم العائلية وحسن الضيافة المتجذرة فى الحمض النووى للعالم العربى؟ علينا أن نختار الأشخاص المناسبين، أشخاصاً صالحين وشرفاء يتمتعونٌ بالمؤهلات اللازمة، كى يمثّلونا بدلاً من الدبلوماسيين التقليديين الذين يفتقرون إلى الحيوية والخبرة المطلوبة.
يجب تشجيع جميع المواطنين كى يعتبروا أنفسهم سفراء لأوطانهم عند السفر إلى الخارج. لطالما بذلت قصارى جهدى لنقل صورة صحيحة عن الإمارات إلى جميع من ألتقيهم أثناء وجودى فى الخارج، لكن مساهمتى كفرد هى مجرد نقطة فى بحر.
فى هذه الحقبة الفائقة الحساسية والخطورة بالنسبة إلى منطقتنا من العالم، ينبغى على العرب أن يستعيدوا قوتهم العظمى، لا سيما فى الوقت الذى يعمد فيه اللوبى الإيرانى إلى توسيع نفوذه، وتسعى إيران للحصول على الاعتراف والشرعية على الساحة الدولية. إذا فشلنا فى النهوض بهذه المهمة الآن، قد تضيع الفرصة إلى الأبد. تذكّروا كلامى جيداً!