"خطأ تراجيدى " كما هو متعارف عليه بلغة الدراما تقع به جميع أجهزة الدولة عامة وخاصة و تنضم إليهم المنظومة الإعلامية المسموعة و المرئية و المكتوبة على حدٍ سواء
ألا و هو :
زرع الأشواك الوهمية الافتراضية فى الطرقات الناعمة و تلغيمها بقنابل فارغة ، و النفخ فى الشرر الصغير ليتحول ضمناً إلى نيران كبيرة !!
هذا ما اشتركت كل تلك الجهات فى اقترافه من ذنب فى حق وطن يلملم جراحه و يتعافى من مرضه و يحاول النهوض ليصلب قامته و يسترد قيمته من جديد .
منذ مدة لا بأس بها و أنا أراقب حالة التأهب القصوى التى أعلنتها كل جهات الدولة كما ذكرت عامة و خاصة للحدث المزمع يوم ١١/١١ الجارى .
فقد تكرر نفس الخطأ بنفس الكيفية على مدار ثلاث سنوات منذ خلع الإخوان و حتى الآن !
تعلن الجماعة و أذنابها و مؤيدوها و كارهو الوطن و النشطاء المستبعدون عن دعوات الثورة الكاسحة التى ستقلب الأوضاع رأساً على عقب ، و فى كل مرة تكون هناك مسميات و جهات تتصدر الدعوات للتمويه و الإيحاء بأنها دعوات ثورية شعبية بعيدة عن جماعة الإخوان !
و للأسف الشديد : يكون رد الفعل على مستوى الدولة مبالغ فيه من حيث التأمين و الإجراءات الاستثنائية تحسباً للدعوة المزعومة ، كما لو كانت الدولة بكافة مؤسساتها تعمل على الدعاية المجانية المكثفة لهؤلاء !
لتقع كل مرة فى نفس الفخ اللعين ، من حيث الانشغال عن كل ما هو أهم و استنزاف طاقات أفراد الشرطة و الجيش و إهدار مبالغ طائلة فى عمليات التأمين و غيرها من الإمكانات المهدرة التى تخسرها الدولة تحسباً لاندلاع ثورة جديدة !!
هذا بالإضافة إلى ارتكاب غالبية الإعلاميين لنفس الخطأ التراجيدى و تكريس كافة مجهوداتهم لتضخيم الحدث المفترض و إلقاء الضوء عليه من كل اتجاه لصالح العدو الذى يتلاعب بهم و يرمى لهم بالطعم ليبتلعوه فى كل مرة دون أدنى تأمل أو تعلم من التكرار !!
أعزائى : السادة المسئولون و الإعلاميون و السياسيون و المهللون :
تلك الدعوة التى ارتجفت لها قلوبكم وتحسبت لها ترتيباتكم تحت مسمى جديد من نوعه ( ثورة الجياع ) ، لن تختلف شكلاً و لا موضوعاً عن سابقيها ، و التكرار يعلم الشطار إن كانوا كذلك !!
فقد اختارت الجماعة و أذنابها و حلفائها و ما أكثرهم هذا الوتر الحساس و الجرح الذى بات يتألم له قطاع كبير من المصريين الخاص بضيق العيش و تأزم الأحوال الاقتصادية و تكرر الأزمات المفتعلة ، للإيحاء بأنها دعوة شعبية و ثورة قادمة !!
لكنها فى حقيقة الأمر لا ثورة و لا شعبية ، فبعد التخلص من جماعة الشر التى كادت أن تودى بالهوية المصرية ، لن يتحرك شعب مصر خطوة واحدة إلا للعمل و البناء ، و من دون ذلك لن يكون إلا قلة حاقدة لا تقو على تحريك المصريين و لا حشد إلا من هم على شاكلتهم من أعداء الاستقرار و الكارهين !
أما شعب مصر كما هو معهود عنه على مر الزمان ، تحمل الصعاب و الصبر على الأزمات فى الملمات و خاصة إن كان القائد و ولى الأمر محل ثقة و تقدير الجماهير ،
فهذا الشعب لن يتحرك خطوة واحدة إلا إذا استشعر الخطر و اشتم رائحة الخيانة ، و لنا فى الإطاحة بحكم الإخوان فى الثلاثون من يونيو أسوة حسنة .
فعندما خرجت الملايين للتخلص من الخونة لم تكن تحتاج إلى حاشدين و لا قادة ، فقد هب المصريين بكافة طوائفهم. من كل فجٍ عميق لتمتلئ بهم ميادين و شوارع و حوارى و شرفات مصر بأكملها .
فلتطمئن قلوبكم و تهدأ مخاوفكم ولا تبالغوا فى الاهتمام بحدث مكرر أكثر مما يستحق .
حفظ الله مصر و شعبها المخلص من شر كيد الكائدين .
وأنعم عليها بجيشٍ كما قال النبى الكريم صلى الله عليه وسلم فى رباطٍ إلى يوم الدين .