إذا كان دواء مر لابد منه، من الضروى تخفيف الآثار السلبية إلى أقصى حد، خصوصا على الفئات الفقيرة والأكثر احتياجا، التى تئن وتصرخ من الغلاء والجشع، ولا تحتمل مزيدا من الضغوط المعيشية، وإذا كانت الحكومة قد أعلنت أنها لا تمتلك رفاهية الوقت، وأصدرت قرارات التعويم ورفع أسعار الوقود، بطريقة الصدمة المفاجئة، فالفقراء أيضا لا يمتلكون رفاهية الوقت انتظارا لقرارات عاجلة للحماية الاجتماعية، ويا ليت العقول التى خططت للضربة، تخطط لاحتواء آثارها.
مللنا تصريحات الحكومة عن ترشيد البطاقات التموينية وقصرها على مستحقيها، ثم فوجئنا بقرار هزيل برفع الدعم من 15 إلى 18 جنيها، وهذا لا يمكن تفسيره إلا بأحد أمرين، إما أن الحكومة لا تمتلك البيانات حول الفئات المستحقة، أو أن البطاقات التموينية قضية مبالغ فيها ولا تستخق الضجة، وفى كل الأحوال يجب نسف نظام البطاقات الحالى، واستبداله بأسلوب بسيط يوفر للعاطلين وأصحاب المعاشات وذوى الدخول الضعيفة، سلة من المواد الغذائية الضرورية مثل السكر والشاى والزيت والأرز فقط، وأن تخلع الحكومة نفسها من افتكاسات التونة المفتته واللانشون، وغيرها من السخافات التى تصرفها بالبطاقات.
الأسر تشكو مر الشكوى من ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وأهمها رغيف الفينو العنصر الأساسى فى إفطار التلاميذ، والحل هو تدعيم نظام الوجبة المدرسية، وتميزها فى مدارس المناطق الشعبية والأحياء الفقيرة، ورقابتها بصرامة حتى لا تتحول إلى غنيمة للفاسدين، بجانب توفير العلاج المجانى فى المستشفيات والمراكز الطبية بالمناطق الأكثر فقرا، من مخصصات العلاج على نفقة الدولة، الذى يحصل عليه الغنى والفقير.
فى مصر من تمتلئ كروشهم إلى حد التخمة، وفيها أيضا من لا يجدون قوت يومهم، والحكومات الرشيدة هى التى تأخذ من الأغنياء وتعطى الفقراء، حتى يسود العدل الاجتماعى ويعم الهدوء ويتراجع الغضب، والصراحة تقتضى أن أقول إن الناس غاضبون، ومن حقهم أن تصل شكواهم للجميع، حتى تدرك أجهزة الدولة أن فى رقبتها دينا كبيرا لهؤلاء الناس، الذين وقفوا فى ظهرها وخاضوا معها معركة تحرير الوطن من الإخوان، ومن حقهم أن ينالوا حياة كريمة دون أعباء تزيد أوجاعهم ومعاناتهم، وإذا كنا نجد أعذارا للحكومة لإصدارها القرارات الأخيرة، على طريقة «إيه اللى رماك ع المر»، فلن يجد لها أحد عذرا إذا تراخت وتكاسلت، ولم تبادر بإصدار خطة إنقاذ عاجلة للحماية الاجتماعية.