يفاجئنى كل يوم حديث غريب يدخل فى صميم قواعد الدين والإسلام، فمرة يتحدث قوم عن الحجاب، ويقولون إنه ليس من الإسلام، وأنه عادة عربية كان نساء العرب يفعلونها فى الجاهلية.
ويدور جدل واسع وصارخ من أطراف لا علاقة لها بالموضوع، بينما هم لا يعرفون أن فرض الحجاب على المسلمات هو من المعلوم من الدين بالضرورة وآياته من محكمات الكتاب وقواطعه، والقرآن الكريم الذى هو كلام الله غير المخلوق وهو دستور المسلمين فى تعاملاتهم وممارساتهم فى آيات واضحات فى سورة النور التى تعد الدستور الاجتماعى والأخلاقى للمسلمين والمسلمات على السواء، ففيها حديث عن الزنى والقذف وأحكامهما، وفيها حديث عن الحجاب وغض البصر للمسلمين والمسلمات على حد سواء، بيد أن ما يتعلق بالنساء قد وضحه القرآن الكريم أفصل توضيح، فقال تعالى: «وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن».. إلخ الآية.
والآيات واضحات بذاتها، ومفسرة لنفسها، وبيانها مبين بلسان عربى فصيح، فحين يخرج متحزلق ويشكك فى الحجاب ويتفلسف فإن ذلك تحد واضح للمستقر فى الوجدان الجمعى للمسلمين منذ أكثر من ألف وأربعمئمة سنة، وهو مستقر فى الوجدان الجمعى للنساء المسلمات فى مصر، فمعنى ذلك أن من يفتح الباب لمثل هذه الخزعبلات فإنما يفتح باب فتنة واسعة على الناس، لأن ما استقر فى الوجدان الجمعى وأصبح جزءا من عقيدة الناس وحياتهم الاجتماعية لا يصح أن ينزو عليه جاهل متطفل باسم حرية الرأى، لأن هذا ليس من الرأى، أو باسم اكتشاف جديد فى الفهم أو قراءة حديثة للكتاب الكريم، فقراؤتك تلك لسنا بحاجة إليها والله أغنانا عنها بتفسير من هو أكرم وأفضل وأفهم لكتاب الله، وبسيرة المسلمين واقعا وحياة منذ القديم إلى اليوم.
بيد أن ما أذهلنى حقيقة هو اجتراء منتسب لجامعة الأزهر وأستاذ فى الفقه المقارن يقدم برنامجا يوميا فى التليفزيون إلى جوار مقدم آخر يحاول فى برنامجه ذلك أن يتفذلك، ويقدم الدين لمتابعيه فى القناة ووفق مقتضيات ملاكها وخط التحرير فيها بطريقته البلهلوانية التى جعلته يسطو على المعانى، استنادا لتخصصه وانتمائه لمؤسسة الأزهر العريقة ليتلاعب بأسس الإسلام، وليقول فى تبجح إن المسلم هو من سالم الناس وليس من شهد أن لا إله إلا الله محمد رسول الله، بل إن من قال لا إله إلا الله فإن ذلك كفاية وليس شرطا أن يقول محمدا رسول الله، وهو ينكر بذلك نظرية ختم النبوة، وأن النبى صلى الله عليه وسلم هو خاتم الأنبياء والمرسلين، وأن العالم كله اليوم مدعو للإيمان به فيما يطلق عليه «أمة الدعوة» أى الأمة المقصودة بالدعوة إلى الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم وبدينه الخاتم.
بينما «أمة الإجابة» هى التى شهدت وآمنت بالنبى صلى الله عليه وسلم، والنبى صلى الله عليه وسلم يعرف المسلم بأنه من سلم المسلمون من لسانه ويده، ولكن قبل أن يكون مسلما فإن عليه أن يشهد ألا إله إلا الله محمد رسول الله.
حسنا فعل مجمع البحوث الإسلامية برئاسة شيخ الأزهر أن أصدر بيانا يوضح فيه أن ما ذهب إليه ذلك المنتسب للأزهر ينبئ عن فكر منحرف ضال وشاذ لا يجب أن يصغى إليه أحد من المسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها.
الإسلام هودين الدولة وأغلبية مواطنيها، ولا يصح أن يكون ساحة للتجريب أو أداة للتوظيف أو التلاعب به، فإن ذلك يفتح بابا من الخطر لو تعلمون عظيم، كما يقوم مرصد الإفتاء يوميا برصد فتاوى المتطرفين والإرهابيين، فإنى أدعو الأزهر ودار الإفتاء وجامعة الأزهر بأن تتصدى يوميا لمن يتعرض للإسلام بسوء عن جهل أو سوء نية.