الدعاية، والدعاية المضادة جزء من أى صراع سياسى، والصراع نفسه جزء من طبيعة العمل السياسى، حيث يسعى كل طرف إلى تقديم نفسه بأفضل صورة، وقد شاهدنا حملات الفضح المتبادلة بين مرشحى الرئاسة الأمريكية، هيلارى وترامب. وجرت العادة أن يكون لكل مرشح حملة انتخابية، دورها الرئيسى تنظيم عملية الدعاية لمرشحهم، ومواجهة الحملات والانتقادات المضادة، ومنذ سنوات هناك حملات وكتائب ولجان بدأت مع الحزب الوطنى والإخوان، وبالطبع جزء من هذه الحملات واللجان مدفوعة الأجر، لكنّ جزءًا منها يتم من مؤيدين غير هادفين للربح.
ومع أن الشائعات أمر موجود فى كل الأوقات، فإنها مع مواقع التواصل تضاعفت، وهناك نوعية من الأخبار القديمة والشائعات تتم بمنهجية، من خلال قنوات ممولة وصفحات على «فيس بوك» و«تويتر»، وبالتالى فمن الطبيعى أن تكون هناك حملات مضادة لها، وقد تحولت مواقع التواصل إلى ساحات تراشق، وبالطبع ليست كلها لجان، لكنّ هناك مقتنعين أو مؤيدين هنا أو هناك يخوضون النقاش العام بشكل مستمر، وفى المقابل هناك من يستهلكون الشائعات لتأييد وجهات نظرهم، بالرغم من علمهم أنها مجرد شائعات، ويظهر من يرد عليهم.
ثم إن مواقع التواصل لم تعد حكرًا على قطاع صغير من نشطاء أو محترفين، لكنها ساحة لجدل، أغلبه ضجيج وبعضه مفيد، أما فيما يتعلق بالجدل حول وجود مؤيدين للدولة أو «الدولجية»، ونشطاء يطلق عليهم البعض «الكولجية»، وهى ألقاب ظهرت منذ ما بعد 25 يناير، خاصة بعد أن تساقطت دول مثل العراق وليبيا واليمن، وواجهت سوريا تحديًا من الإرهاب، وظهرت فكرة أن الحفاظ على الدولة لا يتناقض من التغيير، وظهرت تيارات حداثية لا ترى أهمية للدولة، وتستند إلى خلطة من اليسار الفوضوى والفردية التى ظهرت فى أوروبا خلال بدايات القرن العشرين، وتم حسمه لصالح الدولة فى فرنسا، حيث لا تعارض بين حماية الدولة وحماية حقوق الأفراد.
بالطبع هذا الجدل ليس مطروحًا بنفس الطريقة هنا، إنما تحول إلى ما يشبه صراعات «الألتراس» السائدة منذ سنوات، ويقوم أغلبه على التبسيط والعناد والكيد، وأيضًا صراعات «المشتاقين»، وهى قصة أخرى تحكمها صراعات ومنافسات شخصية، لكن اللافت أن بعض من يهاجمون فكرة اللجان هم أنفسهم يشاركون فى لجان، أو يوظفون لجانًا، لكنها الازدواجية والمنافسة.
بينما الواقع أن الدعاية ومواجهة الدعايات المضادة جزء من أى عمل سياسى، مارسته كل التيارات والشلل والأحزاب والدول، مادامت وجدت الصراعات.