منذ أيام قليلة ضبطت وحدة الآثار الموجودة فى مطار القاهرة عددًا من الوثائق الحكومية، والكتب النادرة المهربة للخارج، التى تعود لزمن الخديو إسماعيل، وبالطبع ليست هذه هى المرة الأولى ولن تكون الأخيرة أيضًا، وحتمًا هذه المرة ضُبطت بينما أشياء كثيرة مرت من قبل، ولم يستطع أحد أن يضبطها، وذلك يفتح الباب للحديث عن إيجاد آلية معينة لحماية الوثائق المصرية.
المعروف أن دار الكتب والوثائق القومية هى المسؤولة عن حماية تاريخ مصر الوثائقى، والمحافظة على كتبها النادرة، لكن يبدو أنها ليست المكان الوحيد المنوط به فعل ذلك، فالآثار تملك مخطوطات، ومكتبة الإسكندرية لديها مخطوطات، والمجامع العلمية أيضًا، وبالتأكيد هناك أماكن أخرى أنا لا أعرفها، مثل المتاحف مثلًا، ربما تحتوى كتبًا ووثائق مصرية، وذلك ليس أمرًا سيئًا، لكن من المهم أن يكون هناك تنظيم وتنسيق بين هذه الهيئات جميعًا.
والأهم من ذلك أن تكون هناك قاعدة بيانات تحتوى جميع الوثائق والكتب الموجودة فى المخازن، والمهددة بالاختفاء، سواء بالفقد أو بالإهمال، وأن تكون متاحة للباحثين للاطلاع عليها، حتى يمكنهم الاستفادة منها بدراستها وتحليلها.
وفى السنوات الأخيرة انتبه العالم لذلك، وهناك مشاريع عالمية مهمة لحفظ الوثائق والكتب النادرة على طريقة قاعدة البيانات، ففى شهر يوليو الماضى قامت الفاتيكان بتدشين مشروع لرقمنة نحو 1000 مخطوطة ورفعها على الإنترنت، هذه المخطوطات كانت مكتبة الفاتيكان محتفظة بها منذ نحو 500 سنة، وخوفا من تلفها أو ضياعها فعلت ذلك، ومن قبل كانت جامعة أكسفورد قد بدأت فى مشروع مماثل متعلق بالبرديات المصرية التى تصل لنحو نصف مليون بردية باللغة اليونانية القديمة، تم العثور عليها فى منطقة أهناسيا بالمنيا.
ودار الكتب والوثائق القومية المصرية كان لديها مشروع «الكتب خانة»، وحسب تصريحات المسؤولين فى الدار، فإن هناك 12 ألف كتاب جاهز للرفع والإتاحة على الإنترنت، وقد تم بالفعل رفع 450 كتابًا، وبعد ذلك لم نعد نسمع جديدًا عن هذا المشروع الذى ربما لم نكن سنسمع عنه لولا نشر إحدى رسائل حسن البنا مما أحدث ضجة فى وقتها.
أعتقد أننا من أكثر بلدان العالم امتلاكا للوثائق والكتب النادرة، وكثير من الدول تنظر إلينا بصفتنا كنزا سهلة سرقته، ويحاولون فى ذلك بشتى الطرق، لما تمثله هذه النوادر من قيمة وتاريخ ومعرفة، ومن هنا وجب علينا استخدام أحدث التقنيات للحفاظ على ما نملكه، لكن فى الوقت نفسه نستفيد منه ولا نتركه يفسد فى الخزائن الحديدية التى ستلقى بصدئها على هذا التاريخ المهم.