لماذا قمنا بالثورة؟!

قمنا بالثورة لأن كل شيء قبل خمسة وعشرين يناير كان متكلسا، بائسا، وتعيسا، فقد كان الموات يسيطر علي كل شئ فلم يعد المجتمع إلا جسدا مريضا ينتظر شيئا يحييه، وقد كانت 25 يناير قبلة الحياة للمجتمع فقد أعادت الحياة إلي أطرافه الصلبة وأوجدت منفذا يدخل منه النور.

ثورة خمسة وعشرين يناير كان نقطة الضوء الوحيدة التي عاشها جيل ما بعد 80، شعار الحياة، الأمثولة، والقصة، والتعبير، وكل شيء عن شيء، والدليل الوحيد والقاطع علي أن الشعب إذا أراد الحياة فلا بد أن يستجيب القدر وأن الليل يمكن أن ينجلي وأن الصبح آت وإن تأخر في الظهور.

ثورة خمسة وعشرين يناير تظل دليلا علي أن هناك أمل مهما حدث، وأن المعجزات تقع علي الأرض أحيانا، فلم يكن التخلص من حكم حسني مبارك إلا حلم لو قال أحد عنه شيئا في العلن فإن الناس كان ليعتبرونه يتخيل خيالا لا يمكن أن يقع إلا في عالم آخر.

ثورة خمسة وعشرين يناير إنذار دائم للطغاة علي أن كل شيء يمكن أن يتغير فمهما أحكمت قبضتك يمكن لها أن تضعف، ومهما كنت دقيقا أيه الطاغية في التلاعب بالعقول والألسنة والأبدان والأحداث فإنك قد تسقط في لحظة وتقع من فوق الفرس الذي ظننته يوما مهيبا شامخا، وفوق البشر.

قدمت لنا ثورة خمسة يناير فرصة تاريخية نادرة في التخلص من مبارك الذي كان كابوسا عاما وبئيسا ولاذعا ومحبطا، فقد كان يطاردنا في كل مكان وكانت صورته بالنظارة الشمسية معلقة في كل الشوارع والأحياء والأجواء بل إن البعض اعتقد أنه يمكن أن يراها يوما ما معلقة في الهواء.

لم نكن نحلم بذلك ولا نتخيله، الخلاص من ذلك البليد الذي في حد ذاته قيمة وكنز، فرفع صوره من الشوارع والميادين والمدارس يكفي لاعتبار الثورة كنزا خلصنا من فكرة الصورة الواحدة التي لا تتغير، المشهد المتوقف في الزمن، والقطعة التي لا تتحرك، والناس الذين ظنوا أن الحكام فراعين ولا سبيل للتخلص منهم إلا أن يتغمد الله الشعوب برحمته فيتوفي الظالمين ليتنشق الناس الهواء النقي السليم.

تبرز أهمية الثورة من كونها فكرة، لا تفني ولا تستحدث من العدم، قطعة من التاريخ، وثيقة ودليل، تأريخ لما جري، وعبرة لمن يعتبر، ومن لا يعتبر.

رسالة حية وصريحة للأجيال القادمة لا يمكن طيها ولا الإعراض عنها ولا التقليل من شأنها، حكاية واضحة، وسراج منير، وأمل لا ينتهي.

مثلت الثورة بالنسبة لنا حلما تحقق فأوجد معادلة لتحقيق أحلام جديدة وطرح أفكار لم تكن لتطرح، وسبيل جديد لنيل الحرية وتطبيق القانون وتحديد لسلطات لم يفكر أحد في تحديدها.

مثلت الثورة تجديدا في البيئة الثقافية والسياسية التي نبت منها شباب جدد يؤمنون بأفكار جديدة، ويطرحون صيغا مختلفة للتعايش، ويخترعون ألوانا جديدة من الفن والكتابة والتجديد في كل شيء، كما بثت في الجميع ترياقا من التطلع للمستقبل دون خوف.

لهذا قمنا بالثورة، ولهذا نريد دائما أن نتذكر أننا قمنا بالثورة من أجل ما اعتقدنا أنه صواب وإن كان البعض قد أخطأ في الطريق إلي الحرية، ونريد أيضا أن نذكر الجميع بأننا نعرف جيدا لماذا قمنا بالثورة.



الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;