من منا لم يعتصره الألم وهو يشاهد طفلاً مريضًا؟، ومن لم تأخذه شفقة أو رحمة عند رؤيته طفلاً يتألم؟، بالطبع جميعنا انتابه ذلك الشعور، ومر به هذا الإحساس، فمشاهدة المرضى شعور مؤلم تزداد قسوته إذا كانوا أطفالاً، وبكل أسف تشير كافة الأرقام والمعلومات إلى التزايد المضطرد فى أعداد الأطفال المرضى فى مصر، ولا يحتاج الأمر جهداً كبيراً لاكتشاف الأعداد الرهيبة منهم، فزيارة واحدة لأى من المستشفيات المخصصة لعلاج الأطفال سنكتشف ذلك على الفور، ومن بين هذه المؤسسات العلاجية مستشفى أبو الريش لعلاج الأطفال، فهناك تتجسد مأساة آلاف الأسر التى تتردد على عيادات المستشفى فى محاولة لإنقاذ حياة أطفالهم، حيث تحتشد الأمهات البائسات والآباء الحائرون أمام العيادات وأقسام الطوارئ، وكل منهم ينتظر سماع اسم ابنه أو ابنته أو حفيده فى قوائم الانتظار التى تضم الآلاف، ولكم أن تتصوروا حجم المعاناة التى تواجه هذه الأسر التى جاءت من جميع المحافظات حتى أن كثيراً منهم يضطر إلى النوم فى الشارع أو على الرصيف أمام بوابة مستشفى أبو الريش حتى يأتى دورهم فى توقيع الكشف على فلذات أكبادهم، أطفال فى عمر الزهور، تقشعر لها القلوب المتحجرة فما أقسى المرض ليس على المريض فحسب وإنما على أهله الذين هم على أتم استعداد لفعل أى شىء إذا كان هذا سيضع حداً لمعاناة أبنائهم.
هذا الأمر يضع مسئوليات كبيرة على المجتمع، فالتعاون المجتمعى يجب أن يوجه لتلك المستشفيات، للتخفيف عن كاهل الدولة، كما أن توجيه جزء من التبرعات إلى هذه المشروعات سيخفف من وطأة الانتظار للمرضى من الأطفال، وهذا يضيف مسئوليات كبيرة على مواطن ومسئول فى مصر، فالواجب يحتم علينا أن نمد يد العون لهذا الصرح الطبى الضخم والنظر بعين الرعاية المالية والعينية له، خصوصاً أنه لا يحظى بأى دعم إعلامى من الفضائيات، فى التوقيت ذاته تملأ كثير من المستشفيات الدنيا ضجيجاً وإعلانات ليلاً ونهارًا على جميع الفضائيات لجمع التبرعات التى تنهال عليها من كل صوب وحدب، مما يدعونا للتفكير فى وضح حلول عاجلة لتطوير وضع هذه المستشفى لدعم دورها الإنسانى العظيم فى رعاية الأطفال غير القادرين، تلك الشريحة التى تحتاج من يحنو عليها ويقدم لها كل ما يستطيع من مساعدة.
ولأن الشىء بالشىء يذكر، من الواجب علينا إبراز ما يقوم به أى مسئول أو مواطن فى التكاتف والتلاحم المجتمعى، وهنا تجدر الإشارة إلى الدور الرائد الذى قامت به وزارة التعاون الدولى تحت قيادة الوزيرة النشطة د. سحر نصر فى تقديم كل ما يمكن تقديمه لتوفير الدعم اللازم لتطوير مستشفى أبو الريش، فمنذ أيام تابعت قامت الوزيرة د. سحر نصر بجولة فى مستشفى أبو الريش لعلاج الأطفال بعد أن نجحت فى الحصول على منحة يابانية لا ترد بقيمة 14 مليون دولار لتطوير المستشفى وجعلها فى مصاف المؤسسات الصحية الرائدة. وخلال الجولة تفقدت الوزيرة إنشاء العيادات الخارجية الممولة من المنحة اليابانية، مؤكدة حرص الوزارة الدائم على دعم تطوير المستشفى من أجل تقديم خدمة علاجية أفضل للأطفال وأسرهم، ومساعدة غير القادرين منهم من خلال توفير التجهيزات اللازمة للمستشفى من معامل وأجهزة وأدوات طبية، مشيرة إلى أنها حريصة كل الحرص على تقديم منح أكثر لدعم قطاع الصحة خاصة المستشفيات التى تعالج الأطفال.
ما فعلته وزيرة التعاون الدولى، يجب أن يكون نبراساً وقدوة للجميع، مواطنين ومسئولين، فالتكاتف فى سبيل أوجه الخير هو الجسر الذى يؤدى إلى حلول لكثير من المشاكل المجتمعية، فالمبادرة للخير يجب أن تكون عنواناً للجميع.