فى الأيام الأخيرة تعامل معظم المصريين مع تعويم عملتهم المحلية "الجنيه" بمحمل من السخرية بحسب طبيعتهم الفطرية، كما تحول بعضهم إلى خبراء اقتصاديين، إذ بدأوا فى تفسير الموضوع دون دراية كافية، ما دفعنا لطرح سؤال، هل كانوا يعلمون المرة الأولى التى اتخذت فيها الحكومة قراراً بتعويم الجنيه؟
بالطبع ستكون الإجابة عند معظمهم بلا، فالحقيقة تقول إن الحكومة اتخذت قراراها الأول بالتعويم منذ عام 2003، رغم أن وقتها لم تكن خطوة مطالب بها فى السوق المصرى، حيث وصل سعر الدولار وقتها إلى 3.4 جنيه مصرى، لكن الخطوة جاءت من أجل مصلحة بعض رجال الأعمال وربحهم الشخصى.
التساؤل الآن، هل قرار تعويم الجنيه هو الصائب فى هذا الوقت، أم لا؟.. من وجهة نظر معظم خبراء الاقتصاد فى الدولة فإنه قرار تأخر تطبيقه كثيراً فى ظل الأحداث الأخيرة وتراجع سعر الجنيه، ونظراً أيضاً لأن الفارق بين سعر الدولار فى البنك والسوق السوداء وصل إلى 40%، ولكن هل يطبق التعويم بالطريقة الصحيحة من قبل الحكومة، أم لا؟ من وجهة نظرى المتواضعة لا.. فإن الحكومة لا تعتمد فى خفض سعر الدولار إلا على جذب المستثمرين والقضاء على السوق السوداء وسحب أكبر كمية من الأوراق الخضراء فى السوق إلى خزانة الدولة، لكنى أرى أنه كان يجب على الحكومة العمل من أجل تحقيق أكثر من هدف فى الوقت نفسه حتى يتعافى الجنيه، مثل جذب وتطوير السياحة فى دولة تمتلك ثلث آثار العالم فى مدينة واحدة فقط وهى الأقصر.
ويتساءل الكثير من المصريين فى الشارع، هل كانت هناك طريقة أخرى يمكنها حل الأزمة غير اللجوء إلى التعويم؟.. فإذا كنا نريد حلاً سريعاً لأزمة نقص العملة الأجنبية فى السوق فبالطبع الإجابة لا، ولكن كانت هناك طرق أخرى يجب وضعها لتفادى هذه الأزمة قبل حدوثها وهو عن طريق الاهتمام بالسياحة، وتضييق الفارق بين الصادرات والواردات، وجذب المستثمرين الأجانب عن طريق تسهيل معاملاتهم وإبعادهم عن الروتين والمضايقات فى المصالح الحكومية، وفى النهاية نتمنى أن تنفذ خطة تعويم الجنيه بالشكل الذى يرضى الشعب المصرى والذى يحقق أهداف الحكومة فى تخفيض سعر الدولار، وهو ما بدأ يحدث بالفعل، وبداية التفكير فى خطط لتنمية الدولة.