منذ تأسيس نقابة الصحفيين فى عام 41 دارت معارك سياسية كثيرة خاضتها النقابة دفاعا عن الحريات العامة وحرية الرأى والتعبير، وفى كل المعارك حققت النقابة والجماعة الصحفية انتصارات متتالية لصالح حرية المجتمع المصرى وحقه فى التعبير عن همومه وقضايا.
انتصرت النقابة فى الأربعينيات فى ممارسة حقها فى العمل السياسى، وانتصرت فى معركة السادات لتحويل النقابة إلى ناد بعد معارضة الصحفيين للتطبيع مع الكيان الصهيونى، وانتصرت فى معركة القانون 93 لسنة 96، وخاضت نضالا مريرا لمنع حبس الصحفيين فى قضايا النشر، وهو ما نص عليه الدستور الجديد.
طوال 75 عاما هى عمر نقابة الصحفيين المصريين لم تصدر أحكاما قضائية بشأن النقيب، رمز النقابة، رغم شراسة المعارك وقسوتها أحيانا.
من هنا تأتى صدمة الحكم الصادر، أمس، ضد الزميل يحيى قلاش نقيب الصحفيين وعضوين من أعضاء مجلس النقابة بالحبس عامين وكفالة 10 آلاف جنيه، فهذه المرة الأولى التى يصدر حكما بالحبس ضد رئيس الجماعة الصحفية المصرية، رغم أن التهمة ليست فى قضية نشر، وإنما بتهمة «إيواء مطلوبين لدى السلطات القضائية».
الحكم يشكل مصدر إزعاج وقلقا لدى الجماعة الصحفية وفى توقيت تسعى فيه الدولة للم الشمل وإحداث المصالحة والتوافق مع المؤسسات والمنظمات والفعاليات الوطنية، ويأتى بعد انفراجة العفو عن الشباب وإزالة أحد بؤر التوتر فى المجتمع، لكن يبدو أن الأزمات لن تنتهى، فالحكم رغم أنه فى درجاته الأولى فإنه يعتبر سابقة فى تاريخ النقابة.
مازال هناك وقت للاستئناف لإلغاء الأحكام الصادرة التى تحدث الخلل والتشوه فى الجسد الصحفى، ويستغل صدورها من يريد بث الفتنة والفرقة فى المجتمع وإحداث الصدام بين الصحفيين والدولة.
نحن نحترم أحكام القضاء احتراما كاملا ولا نشكك فى نزاهة قضائنا لكن هناك نوعية معينة من القضايا تحتاج إلى المواءمة السياسية فى التعامل معها، خاصة أن الشواهد والمعطيات فى هذه القضية كانت تؤشر على التصالح والتنازل وعدم تضخيم القضية، فالنقابة دائما ما كانت فى مقدمة الصفوف للدفاع عن قضايا الوطن، ولم تسع لشق الصف أو الخروج عن القانون والدستور.
لدينا الوقت لمعالجة آثار الحكم سريعا، وعدم ترك مساحات للتوتر والتصعيد والصدام، فحبس نقيب الصحفيين ليس بالشىء الهين أو السهل.