الكاريكاتور يعتبر مصدراً رئيسياً للصور المبالغ فيها عن المرأة والتى تشوه دورها فى المجتمع
كشفت بحوث ودراسات الإعلام، أهمية دور وسائل الإعلام فى خلق الصور والمعانى، وبالتالى تأثيرها فى إدراك الحقائق الاجتماعية إما بشكل حقيقى، أى كما هى، أو بشكل مشوه أو حتى مزيف. فى هذا الإطار تعتبر صورة المرأة فى وسائل الإعلام أحد أهم الموضوعات التى حظيت باهتمام الباحثين الإعلاميين، حيث أجريت الكثير من البحوث بهدف التعرف على ملامح الصورة التى قدمت بها وسائل الإعلام المرأة كابنة وزوجة وأم، ومدى اقتراب أو ابتعاد صورة المرأة من الواقع الفعلى. وبالنسبة للصحافة تحديدا فقد أجريت دراسات وبحوث عديدة حول ملامح صورة المرأة فى الإعلانات وفى الأخبار والمقالات والتحقيقات.
وللأسف فإن معظم البحوث المصرية التى تناولت صورة المرأة فى التحليل استخدمت تحليل المضمون، وهو أداة بحثية قاصرة عن إدراك وتحليل المعانى والدلالات التى يحملها الكاريكاتور، لأن هذا الفن هو رسالة إعلامية مرئية ومقروءة، وفن ساخر قادر على التأثير فى الجمهور، كما يمكن النظر إليه، رغم طبيعته المزدوجة كفن ساخر ورسالة إعلامية، ضمن وسائل الإعلام القديمة والجديدة، حيث حافظ هذا الفن على وجوده، وربما احتل مساحات أكبر وأكثر تأثيرا عبر المواقع والصحف الإلكترونية، إضافة إلى وسائل التواصل الاجتماعى. المعنى أن الكاريكاتور والكارتون باقيان عبر الزمن، وقادران على التكيف مع كل وسائل الإعلام.
ويلاحظ أن الكارتون،الكاريكاتور، يعتبر مصدرا رئيسيا للصور المبالغ فيها عن المرأة، والتى تشوه دورها فى المجتمع وتصورها أحيانا كالحكومات المستبدة أو «المرأة القوية» أو ربة البيت الغلبانة المستسلمة لقدرها، أو الست اللكاكة أو المستهلكة، وأحيانا توظف كموضع للإغراء أو الإغواء.
فى المقابل هناك صور إيجابية للمرأة فى الكاريكاتور والكارتون لكنها قليله للغاية. والإشكالية هنا أن الكاريكاتور يستخدم الصور النمطية وعناصر المبالغة، ومثل هذه الاستخدامات تؤثر فى إدراك الأفراد للواقع المحيط بهم، ويؤكد «وليمز» أن الكارتون- الكاريكاتور- يعتبر جزءًا من نظام الاختيار الذى يساعد على بناء الحقيقة، ويضيف أن وسائل الإعلام تساعد فى بناء الحقيقة الاجتماعية التى يستجيب لها الناس، وأن المعنى لا يأتى من خلال العمليات الاتصالية، وإنما تنشأ المعانى من خلال اهتمامات منتج الرسالة، رسام الكاريكاتور، والتى يحملها المضمون ومن خلال تفسير الملتقى.
ورغم أهمية دور الكارتون، الكاريكاتور، فى خلق وتفسير الصور والمعانى إلا أن هذه الوظيفة من وجهة نظرى ترتبط بعملية التلقى، أى قدرة القارئ على الفهم واستيعاب الأهداف التى يحاول القائم بالاتصال، رسام الكاريكاتور، تحقيقها، فى هذا السياق يثار جدل ونقاش حول عملية تفسير وفهم معانى الكارتون، الكاريكاتور إذ أنه مهما كان بسيطًا وواضحًا إلا أنه يوفر عددًا مكثفًا من الرموز التى تقترح معنى أو معانى للشكل الخاص بالموضوع، ومن ثم يساعد الكارتون على تقديم عدد غير محدود من التفاصيل والمعانى والدلالات التى قد يختلف القراء فى فهمها واستيعابها. إذن يجب رفض الفكرة السائدة بأن للكاريكاتور معانى صريحة وضمنية يمكن للقراء الاتفاق عليها، بعبارة أخرى من الصعب تحقيق إجماع أو اتفاق بين القراء على معانى ودلالات الكاريكاتور، الكارتون، كذلك يصعب افتراض أن أهداف وأغراض القائم بالاتصال، فنان الكاريكاتور، تنطبق أو تتفق مع أهداف الجمهور المتلقى.