اليوم هو موعد لقاء الصحفيين فى نقابتهم تلبية لدعوة مجلس النقابة لبحث آخر تطورات الأزمة التى بدأت منذ شهور، وبلغت ذروتها بصدور حكم قضائى بحبس الزملاء يحيى قلاش نقيب الصحفيين، وجمال عبد الرحيم وخالد البلشى، عضوى المجلس، وإذا كانت هذه الأزمة ليست الأولى من نوعها فى العلاقة بين الصحفيين ممثلة فى نقابتهم والحكومة، فإنها هى الأولى فى تاريخ هذه العلاقة التى تشهد حكما بالسجن عامين مع إيقاف التنفيذ ضد النقيب وعضوى المجلس، مما شكل صدمة بالغة فى الوسط الصحفى، وكل الذين يطمحون إلى حياة ديمقراطية صحيحة ويعملون من أجلها، وتولد عن هذه الصدمة السؤال الأهم وهو: «كيف سيكون شكل العلاقة بين الصحفيين بنقابتهم مع مؤسسات الدولة فى المستقبل؟».
فى الإجابة عن هذا السؤال هناك آراء مختلفة منها، الاعتقاد بأن الأزمة سببها «شخص ما»، أو«شلة ما» تريد السيطرة على النقابة، وأن التخلص من هذه الشلة أو هذا الشخص سيؤدى إلى أن تنعم النقابة بالاستقرار، وبالرغم من أن هذا الرأى هو أخف الآراء وأكثرها تسطيحا، إلا أنه ومع كل أسف الأكثر شيوعا، وتكمن سطحيته فى أنه يبتعد بالأزمات عن أسبابها الحقيقية، ويأخذها إلى مناحى ليست صحيحة على الإطلاق، ويؤدى إلى انصراف جهود البحث بموضوعية وشفافية عن الأسباب الجوهرية لأى أزمة، ولو دققنا قليلا سنجد أن الذين يتحمسون لهذا الاعتقاد ويروجون له هم يعملون من أجل شخص ما وشلة ما.
هذا الاعتقاد ورثناه منذ سنوات سابقة خلال أزمات واجهت النقابة، حدث هذا فى نضال الصحفيين عام 1995 فى أزمتهم الشهيرة مع القانون الذى تسلل إلى البرلمان مساء لتغليظ العقوبات ضد الصحفيين، ولما هب الصحفيون ضده قيل فى البداية إن «الشلة الفلانية» هى السبب، وهناك أمثلة أخرى كثيرة حدثت فى أزمات أقل حدة، وخلالها كنا نستمع إلى: «أصل الموضوع سببه الشلة الفلانية» و«سببه الشخص الفلانى».
نحن أمام أزمة لابد من تشخيصها بدقة فى اجتماع الغد، لوضع أجندة صحيحة للتعامل معها دون خلط للأوراق، وأول هذا التشخيص أننا أمام حكم قضائى لابد أن نتعامل معه بالطريقة القانونية أيضا بحشد الجهود القانونية، مع التسليم بأن المعركة ليست قانونية وفقط وإنما لها عمق آخر لا بد أن نعيه تماما وهو الخاص بقانون الإعلام الموحد وموقع الصحفيين فيه ومنه.