فى مارس 1977 شهدت القاهرة انطلاق القمة العربية الأفريقية الأولى بحضور 16 رئيسا وملكا عربيا من الدول العربية الآسيوية، بالإضافة إلى 45 رئيس دولة أفريقية، وصدر عن القمة مجموعة من الوثائق أهمها إعلان وبرنامج العمل للتعاون العربى الأفريقى، الذى تضمن تعهد البلدان العربية والأفريقية بتنمية علاقاتها على المستويين الثنائى ومتعدد الأطراف فى كل المجالات، وإعلان التعاون الاقتصادى والمالى العربى الأفريقى المتضمن خطة عمل تقوم على تشجيع الاستثمارات ورؤوس الأموال العربية، وتدعيم العلاقات التجارية والتعاون الفنى، وزيادة المعونات الثنائية، بالإضافة إلى إعلان سياسى صدر عن القمة حدد الأساس القانونى والسياسى للتعاون العربى الأفريقى والمبادئ التى يستند إليها هذا التعاون، فضلاً عن الأهداف التى يسعى إلى تحقيقها، وهى الدفاع عن قضايا التحرير الوطنى العربى والأفريقى، وتدعيم التعاون الاقتصادى، وتحقيق المزيد من التفاهم بين الشعوب العربية والأفريقية.
وبعد هذه القمة انقطعت اللقاءات العربية الأفريقية على المستوى الجماعى 33 عاما، وعادوا للقاء مرة أخرى فى القمة الثانية التى عقدت بمدينة سرت الليبية فى أكتوبر 2010، وتبعته القمة الثالثة بالكويت فى نوفمبر 2013 التى شهدت مشاركة المستشار عدلى منصور، رئيس الجمهورية السابق، خلال هذه القمة أطلقت الكويت مبادرة تتضمن تقديم قروض ميسرة للدول الأفريقية جنوب الصحراء بقيمة مليار دولار أمريكى على مدى خمس سنوات تبدأ من عام 2013، وكذلك تقديم استثمارات وضمانات استثمارية بقيمة مليار دولار على مدى خمس سنوات للدول الأفريقية أيضا، مع التركيز على مجال البنية التحتية، وذلك بالتنسيق والتعاون مع البنك الدولى والمؤسسات التمويلية الدولية الأخرى، علما بأن الكويت- حتى تاريخه- نفذت 64.85 % من التعهدات التى أطلقتها بالنسبة للقروض الميسرة.
كما اقترحت مصر خلال هذه القمة إنشاء شبكة عربية أفريقية للتنمية تعمل على تحقيق التنسيق بين مختلف الصناديق والآليات التنموية والتمويلية العربية والأفريقية، حيث يتوافق هذا المقترح مع ما جاء فى إعلان الكويت بشأن العمل على تشكيل آلية تنسيق فيما بينها لتمويل تنفيذ المشروعات المشتركة، بالإضافة إلى طرح استضافة الاجتماع الأول لهذه الشبكة لوضع أسس التعاون بين مختلف الصناديق والآليات، وإقامة قاعدة بيانات حول المتطلبات التنموية.
فى مالابو، اجتمع قادة أفريقيا والعرب للمرة الرابعة تحت شعار «معا من أجل التنمية المستدامة والتعاون الاقتصادى»، أمس، فى فرصة جديدة أمامهم لمراجعة التقدم الذى تم تحقيقه فى مقررات قمة الكويت فى المجالين الاقتصادى والاجتماعى، وبما أن القاهرة شهدت الانطلاقة الأولى لهذا التجمع المهم للجانبين، فإن المشاركة المصرية لها دور مهم، وهنا تأتى مشاركة الرئيس عبدالفتاح السيسى فى القمة، لإيمانه بأننا نعيش الآن فى عصر التكتلات الاقتصادية والسياسية، وأن العرب والأفارقة بحكم الجوار والإرث المتشابه هم الأقرب لبعضهما البعض، وهو إيمان مصرى أصيل حوله السيسى خلال العامين الماضيين إلى مجموعة من المبادرات التى أخذت طريقها للتنفيذ حاليا، باعتبار أن مصر هى نقطة اتصال بين العالمين العربى والأفريقى، كما أنها تنفذ أو تسهم فى مشروعات بنية تحتية ستستفيد منه المنطقتان العربية والأفريقية، ومنها مشروع تطوير قناة السويس والممر الملاحى بين بحيرة فيكتوريا والبحر المتوسط، وهو أمر يحظى بتقدير واهتمام الأشقاء العرب والأفارقة.
منذ انتخابه رئيسا لمصر، يسعى الرئيس السيسى إلى توثيق علاقات مصر العربية، وإعادة إحياء التعاون المصرى الأفريقى، بعد سنوات من الجفاء أثرت على آليات التعاون بين القاهرة والعواصم الأفريقية، فعادت مصر إلى الحضن الأفريقى، وأعاد لها الأفارقة مكانتها الطبيعية من خلال عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى، وعضوية مجلس الأمن لعامين عن القارة السمراء، وهذا لم يكن ليتحقق لولا السياسة المصرية الناجحة تجاه القارة السمراء، وهى السياسة التى وضعها ويتابعها الرئيس السيسى، وتديرها بشكل متميز وزارة الخارجية تحت إدارة الوزير الناجح سامح شكرى.