وزير الدفاع الإسرائيلى، ليبرمان، كشف أسرار حرائق إسرائيل، عندما صرح بأن «الرد عليها سيكون ببناء المستوطنات»، وستشهد الشهور القليلة المقبلة بناء مستوطنة مكان كل حريق، وكأن النار تختار أماكنها بعناية، ولا تخرج عن الإطار المرسوم لها، ولا تصدقوا أكاذيب الجفاف وشدة الرياح وعدم سقوط الأمطار، فالطقس لم يتغير هذا العام عن الأعوام السابقة، الذى تغير هو انفتاح شهية الحرائق بشكل غير مسبوق.
تتطابق أماكن الحرائق مع خريطة إنشاء المستوطنات حتى عام 2020، فقبل أن يأتى هذا التاريخ تكون إسرائيل قد انتهت تماما من مخطط تهويد القدس، ولن تكون هناك قدس شرقية، بل عاصمة إسرائيل الموحدة المحصنة بحزام حديدى من المستوطنات، يجعل الوصول إليها مستحيلا، إلا من خلال الطرق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية التامة، وستصبح المقدسات الإسلامية مجرد رموز متحفية، ولهذا لم يكن غريبا أن تندلع الحرائق مرة واحدة فى 500 مكان حول القدس، هى نفسها الأماكن التى تدخل فى حزام الترتيبات الأمنية الجديدة.
اختارت إسرائيل توقيتا نموذجيا لإشعال حرائقها، والعالم مشغول بزوبعة القادم الجديد للبيت الأبيض، وموقف ترامب من المشكلة الفلسطينية، لن يكون إلا فى صالح الطرف القوى، الذى يفرض سياسة القوة على مسرح الأحداث، فأمريكا - ترامب، لن ترعى مؤتمرات سلام إسرائيلية - فلسطينية، ولن ترسل مبعوثا يقوم بجولات مكوكية، وإذا اتفق الطرفان فهى تبارك الاتفاق، وإذا لم يتفقا فلن تتدخل.. وهكذا تشعل إسرائيل حرائقها وتطفئها لفرض أمر واقع جديد.
الجانب الوحيد الذى لا يدرك خطورة حرائق إسرائيل هو الطرف الفلسطينى، مشغولون بصراع السلطة فى وقت تحرق فيه إسرائيل آخر الطرق المؤدية إلى السلطة، ولم يعد الصراع محصورا بين فتح الضفة وحماس غزة، بل إن فتح نفسها انشقت على نفسها وأصبحت فتحين، حرس قديم فى حضرة «أبومازن»، وتيار إصلاحى يعبث فيه «دحلان»، وفقدت حماس قرون استشعار الحس الوطنى بالقضية، وارتمت تحت أقدام المخططات القطرية التركية، وكلاهما يتحركان بتنسيق كامل مع السياسة الإسرائيلية.
لله الأمر من قبل ومن بعد، فلم يُعرف عن الحرائق العقلانية الشديدة التى تتسم بها حرائق إسرائيل، إلا إذا كانت صناعة إسرائيلية.