ثورة 30 يونيو أسقطت الإخوان عن الحكم ولكن الأفكار الإخوانية والوهابية لم تسقط
صدق أو لا تصدق.. هذا الحوار المنقول من «برلمانى» حدث فى برلماننا وفى زماننا!
«شهد اجتماع لجنة الشؤون الدستورية والتشريعية بمجلس النواب، خلال اجتماعها الأخير مشادات كلامية، خلال مناقشة مشروعى قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر رقم 58 لسنة 37، والخاص بقضايا النشر الخاصة بخدش الحياء العام، وبدأت المشادة حين رفض النائب سمير رمضان، عضو اللجنة الاقتراح، قائلا: إن الإبداع الفنى ليس له علاقة بخدش الحياء، وهذين القانونين سيعطيان الحق للمرأة أن تنشر صورها عارية، الأمر الذى استفز كل من النائبين علاء عبدالمنعم، والدكتور أحمد سعيد، وطالب علاء عبدالمنعم زميله بتعريف الفعل الفاضح، فرد عليه قائلا: هو كل فعل فاضح معرف بالقانون، وهذين المشروعين ضد الأخلاق والآداب العامة، وقال بصوت مرتفع: بهذا الشكل ممكن أنشر صور عارية لأى امرأة، وعلق الدكتور أحمد سعيد مرة أخرى قائلا: كلامك يعنى أن أعمال نجيب محفوظ كلها خادشة للحياء.
وتجدد الاشتباك، حينما تساءل النائب أحمد سعيد، ما هو خدش الحياء، هو نجيب محفوظ كان بيخدش الحياء فى السكرية وقصر الشوق؟ فرد النائب أبوالمعاطى مصطفى: هل يعنى الإبداع أننى أقوم بتصوير حالة جماع كامل على الشاشة، وقاطعه أحمد سعيد قائلا: يعنى روايات قصر الشوق والسكرية لنجيب محفوظ خدش حياء؟ فرد أبوالمعاطى مصطفى، أيوة السكرية وقصر الشوق فيهم خدش حياء ونجيب محفوط يستحق العقاب بس محدش وقتها حرك الدعوى الجنائية، وردت نادية هنرى قائلة: يا نهار أسود هيودونا فى داهية.
مع احترامنا لمجلس نوابنا، فإن هذه الثقافة شديدة «المحافظة»، تسيطر على قطاعات كبيرة من المجتمع، خاصة أغلب فئات الطبقة الوسطى، يعود ذلك إلى أنه بعد الانتصار فى حرب 1973، تقاربت مصالح العدو الإسرائيلى المهزوم بمصالح طفرة البترودولار، ومن تلك الفترة وحتى 2010 مرت تحت الجسر مياه كثيرة، ووفق إحصائيات، سافر إلى السعودية والخليج حوالى عشرين مليون مصرى للعمل، وعاد أغلبهم محملا بالفكر الوهابى، وفى السياق نفسه، نشأت الحركات «المتأسلمة» العنيفة، وأسس الراحل السادات الجماعة الإسلامية، وتحالف مع الإخوان لضرب اليسار، وبعد انتهاء المهمة توجهت تلك الجماعات إلى المواطنين المصريين الأقباط، وبدأت تنتشر ثقافة الكراهية، وامتد الأمر ليس لتكفير الأقباط فحسب، بل والمسلمين من ليسوا أعضاء فى تلك الجماعات، وصولا لاغتيال الرئيس السادات فى 6 أكتوبر ووسط العرض العسكرى، ودخلت مصر موجة من الإرهاب من تنظيم الجماعة وتنظيم الجهاد، وبعد أن استطاعت الشرطة تحطيم البنية الأساسية لتلك الجماعات تدخل البعض ومنهم كتاب مثل: مكرم محمد أحمد وتحت مراجعات مزيفة، تم خروج هؤلاء القتلة من السجون، ليكملوا مهمتهم فى تزييف وعى المجتمع، وفى تلك الفترة، كانت دولة مبارك ليست على انسجام مع الإخوان، فسارع جهاز أمن الدولة بتبنى السلفيين لمحاربة الإخوان، وتمت مشروعية الفكر الوهابى، وعندما تم الاتفاق مع الإخوان فى 2005 «التوريث مقابل التمكين» عقد العادلى مع عاكف صفقة معلنة، ومن خلالها وحتى 2010 دخل الإخوان البرلمان، وأصبحت لهم حرية العمل السياسى، وسيطروا على %27 من الجمعيات الأهلية، التى ثبت أنها تلقت %14 من مجمل التمويلات الأجنبية، وحازوا على %14 من شركات التصدير والاستيراد، و%55 من شركات الصرافة، وعودة آلاف المدرسين للتدريس وأكثر من 250 بعثة للخارج، ومن ثم سيطرت هذه الجماعات على أكبر قطاع ممكن من الطبقات الدنيا والوسطى، وصولا إلى الحصول على أغلبية فى برلمان 2012 ووصول محمد مرسى للاتحادية!
ولولا ثورة 30 يونيو وانحياز القوات المسلحة للشعب لتحولنا إلى أسرى للقتلة، وكما أن ثورة 25 يناير أسقطت رأس النظام، ولم تسقط النظام فإن ثورة 30 يونيو أسقطت الإخوان عن الحكم، ولكن الأفكار الإخوانية والوهابية لم تسقط، ومن ثم ثقافة الكراهية للأقباط والكنائس والمرأة والفكر والأدب والفن، تحتل مساحات من العقل المصرى، والآن يخرج علينا البعض بدعاوى «المصالحة»، ربى لا أسألك رد القضاء بل أسألك اللطف فيه.