أثار تكثيف إطلاق الصواريخ الإيرانية من اليمن باتجاه الأراضى السعودية مؤخراً وآخرها كان باتجاه مكة المكرمة، تساؤلات عدة، حول قدرات مليشيا الحوثيين العسكرية، وحجم الدعم الخارجى المقدم لهم من طهران.
المتابع للأزمة اليمنية منذ انقلاب جماعة الحوثى والرئيس السابق على عبد الله صالح، على السلطة الشرعية فى اليمن المتمثلة فى الرئيس عبد ربه منصور هادى، يجد أن الحوثيين لا يملكون القدرة حتى على صناعة صواريخ محلية، لذلك تكمن كلمة السر فى حصولهم على صورايخ بالستية فى الدعم الخارجى الذى تقدمة إيران للحوثيين ليس إنصافا لقضيتهم - غير المعترف بها دوليا من الأساس - إنما لزعزعة أمن واستقرار المملكة العربية السعودية التى تنظر إليها طهران باعتبارها عدوا لدودا وتسخر لذلك كل قدراتها العسكرية والصاروخية لدعم المليشيات الإرهابية وتمكينها من استخدام قدرات تدميرية عالية مما يهدد السلم والأمن الإقليمى والدولى.
وقد أثبتت عمليات الفحص والتحقيق التى تجريها الجهات المختصة السعودية، لبقايا الصواريخ التى أطلقتها ميليشيات الحوثيين على المملكة منذ شهر أغسطس الماضى، واعترضتها قوات دعم الشرعية بقيادة المملكة، تبين أن الصواريخ الباليستية التى يطلقها الحوثيون من طراز "سكود"، و"توشكا"، و"قاهر 1"، هى روسية وليست محلية الصنع، كما يزعم الحوثيون.
ويعد صاروخ سكود من بين الأسلحة التكتيكية التى صممها الاتحاد السوفيتى السابق فى فترة الحرب الباردة، وقد دخل فى الخدمة الفعلية فى نهاية العقد الخامس من القرن الماضى، ولكنه خضع لعملية تطوير كبيرة اعتباراً من مطلع العقد السادس، ما مكنه من حمل كميات كبيرة من المتفجرات، أو حتى الرؤوس الحربية غير التقليدية، ويتجاوز طول الصاروخ 11 متراً، ويعتمد على محرك يعمل بالوقود السائل، وهو أسرع من الصوت بعدة مرات.
وفى مطلع أغسطس 2016، اعترفت الوكالة الإيرانية الرسمية "إيرنا" بأن صاروخا أطلقته المليشيات الحوثية ضد الأراضى السعودية باتجاه محافظة نجران، مطلع الشهر، كان اسمه "زلزال 3"، وهو صناعة إيرانية. ويأتى ذلك تأكيداً لإعلان البحرية الأمريكية مطلع مايو الماضى، ضبط شحنة أسلحة، أثناء اعتراض سفينة بحرية إيرانية فى بحر العرب كانت فى طريقها إلى الحوثيين فى اليمن. وفى أبريل 2015، أكد القيادى فى مليشيا الحوثيين أنهم يمتلكون صواريخ متطورة روسية من طراز عال.
وجسد اطلاق إيران الصواريخ على المملكة العربية السعودية بشكل عام ومكة المكرمة بشكل خاص، نيتها وسعيها لاستفزاز مشاعر المسلمين، ورغبتها الخبيثة فى تدمير المقدسات الإسلامية كما فعلت فى سوريا والعراق.
فكيف لدولة مثل إيران تدعى الإسلام وتدعم فى الوقت ذاته ميليشيات تستهدف مكة المكرمة وتطلق الصواريخ على البلد الحرام؟؟
وقد اتضح للجميع عدم رغبة الحوثيين فى الوصول إلى حل فى اليمن ومحاولتهم تصدير مشكلاتهم مع الحكومة الشرعية للخارج من خلال اعتدائهم على المملكة ومقدساتها. حيث اعتادت ميليشيا الحوثيون على رفض مختلف مبادرات الحل السياسى والسلمى للأزمة اليمنية منذ بداية انقلابهم على السلطة الشرعية بمساندة القوات العسكرية الموالية للمخلوع على صالح وحتى الوقت الحالى.
وكان لافتاً رفض الحوثيين للمبادرة الأممية الأخيرة، رغم أنها شرعنت للانقلاب فى بعض بنودها، ومنحت الميليشيات الحوثية ما لم يكونوا يحلموا به من قبل، وجاء إعلان رفضهم للمبادرة بعد أن رفضتها السلطة الشرعية، وكان بإمكانهم الإعلان عن قبولها ولو شكلياً من أجل إيهام المجتمع الدولى أنهم مع الحلول السلمية وإحراج السلطة الشرعية، لكن خشيتهم من أن تراجع السلطة الشرعية موقفها وتعلن القبول بالمبادرة جعلتهم يرفضونها أيضاً.
ولعل من أبرز الأسباب التى تدفع المتمردين الحوثيين إلى رفض كل مبادرات الحل السياسى والسلمى للأزمة اليمنية، أنهم جزء من مشروع طائفى تقوده إيران وتعمل على تغذيته واستمراره فى العالم العربى، وبالتالى، فالحوثيون لا يمتلكون قرارهم بأيديهم، ويتلقون تعليماتهم من طهران، ولهذا، من المستحيل أن يقبلوا بأى مبادرة حتى وإن كانت فى صالحهم، ما لم يتلقوا ضوءً أخضر من طهران على الموافقة.
وفى النهاية، فإن قبول الحوثيون بأى مبادرة لحل الأزمة اليمنية حتى ولو فى صالحهم أمر مستحيل، لأن استمرار أعمالهم الإرهابية يعنى استمرار تدفق ملايين الدولارات إليهم، فبحسب مواقع يمنية عدة، أصبحت ظاهرة الثراء فى أوساط الحوثيون معروفة، فقد اتجهوا إلى شراء الأراضى وبناء الفلل والبيوت فى العاصمة صنعاء، وبعضهم أنشأوا شركات للأدوية وشركات للتوكيلات والتوريد والاستيراد، وتأسيس منظمات مجتمع مدنى تستقبل الدعم الإنسانى من الخارج ويذهب لصالحهم، بالإضافة إلى سيطرتهم على شركات ومؤسسات كانت مملوكة لبعض خصومهم السياسيين.