الأزمة ليست البقاء على المقاعد، ولكن أن يعود للإعلام المصرى عرشه المفقود، مستعيدا السيادة والريادة والثقة، والخطوة الأولى هى سرعة إصدار قوانين الهيئات الإعلامية لتبدأ رحلة الألف ميل نحو الإصلاح وإعادة التوازن، ومواجهة مشاكل متراكمة ومزمنة، إذا لم يتم اقتحامها على نحو عاجل بجرأة وشجاعة، فالمصير المظلم ينتظر كيانات إعلامية، لن تستطيع الاستمرار والصمود.
البيضة أم الفرخة أولا، هكذا أخذ شكل الجدل حول قوانين الإعلام.. ويؤدى الجدل البيزنطى إلى التعطيل والتأجيل، ليبقى الوضع على ما هو عليه، وتتعطل الفرص المتاحة للإصلاح، وتتراكم الخسائر حتى تصل لمرحلة يستحيل معها العلاج، الذى يدفع الثمن هو الكيان الإعلامى برمته بصحفييه وإعلامييه وعماله وإدارييه، بعد أن وصلت الأوضاع إلى حد الانهيار.
المعترضون يثيرون قضية صدور القوانين الإعلامية حزمة واحدة، والتشبث بذلك معناه أن الانتظار ربما يطول لسنوات، حتى تنتهى نقابة الإعلاميين الجديدة من الإشهار والتأسيس وقبول الأعضاء، ثم فتح الباب للانتخابات، واختيار عضوين ينضمان للمجلس الوطنى للإعلام، الذى يعرض عليه قانون الإعلام.
الإعلام المصرى ليس لديه رفاهية تضييع الوقت، وأزماته لا تنحصر فقط فى شطط الرسالة الإعلامية، ولكن فى إيجاد مظلة قانونية تحميه، وتحمى المجتمع من سلبياته، بقوانين رشيدة، تصون الديقراطية من أخطاء الديمقراطية، حتى لا تفتئت عليه سلطة أو ترفع فى وجهه سيف المنع والإغلاق، وليكون إعلاما وطنيا ملتزما بالمصالح العليا للبلاد، كما فى أعتى الدول الديمقراطية.
ما الذى يضير جبهة رفض القانون، إذا تم تشكيل الهيئات الإعلامية أولا، لتبدأ عملية الإنقاذ العاجلة، وأهمها وقف النزيف المالى الرهيب الذى تتكبده خزانة الدولة، لدعم كيانات إعلامية خاسرة، رغم تراجع دورها وتأثيرها لدى الرأى العام، وبأى منطق تحصل الصحافة القومية على دعم بلغ مليارا و200 مليون جنيه فى أقل من عام، وتصل مرتبات العاملين فى ماسبيرو إلى 220 مليون جنيه شهريا، بينما الفرص متاحة للنهوض والإصلاح؟.
عملية إنقاذ الإعلام المصرى ليست بالإقصاء أو الإبعاد أو التخلص من العمالة الزائدة، ولكن بإحلال قيادات لديها القدرة والرغبة فى التصدى للمشاكل، وتبنى خططا إصلاحية مدروسة بدقة، ويجرى تنفيذها فى توقيتات محددة، لتقف على قدميها ولا تمد يدها لخزانة الدولة المرهقة، وليكون استقلالها المالى، هو البداية الحقيقية لاستقلالها المهنى، ومواكبة التطورات التكنولوجية المذهلة والخروج من آليات أهل الكهف.