أحمد منتصر يكتب: مذبحة الموز بكولومبيا .. 6 ديسمبر 1928

جرح نازف تعيشه كولومبيا (إحدى بلاد الواقعة في شمال أمريكا الجنوبية) كلما مر يوم 6 ديسمبرففى مثل هذا اليوم فقدت البلاد المئات من أبنائها فى مذبحة مروعة .
كولومبيا المشهورة بزراعة أفضل أنواع الموز و أرخصه، لم تغب طويلاً عن ذهن ومخططات الشركات الأمريكية.

في عام 1899، تمت شراكة بين رجل يعمل بالسكك الحديدية في أمريكا الجنوبية مع شركة فواكه بوسطن شركة المجموعة المتحدة والتي عرفت باسم "شركة الفواكه المتحدة UFC" بهدف تكوين
بهدف جعل الموز الفاكهة الأرخص في الولايات المتحدة الأمريكية

نطاق الشركة نما بشكل كبير، بحيث أصبحت معروفة في جميع أنحاء أمريكا الجنوبية والوسطى وكانت تعرف بين العامة ب"الأخطبوط" .
عملت الشركة سريعاً على احتكار النقل والشحن وجميع الموانئ الرئيسية في كولومبيا، بحيث أنك إذا أردت نقل الفاكهة براً لم تكن لتفعل ذلك إلا من خلالها

الأراضي الجيدة والعمالة الرخيصة أصبحتا مكفولة بدعم الأنظمة القمعية (التابعة لأمريكا)، شبكات الإذاعة ضمنت الكفاءة اللوجستية ، سًخرت كوسائل جاهزة للدعاية لصالح الشركة التى احتكرت كل شئ في البلاد.

سرعان ما قررت واشنطن أن ما هو جيداً بالنسبة للولايات المتحدة، فهو بالضرورة جيداً للموز الكولومبي وسيطرت على كل مناحى الحياة ولم تستمع لصوت العمال الذين يئنون من مواجع الحياة ويعيشون في فقر مدقع .



في ديسمبر 1928، قرر العمال تنظيم إضراب والخروج في مظاهرة للمطالبة بتحسين الأوضاع، وتلخصت مطالبهم
فى تقليل ساعات العمل اليومي إلى 8 ساعات، و الأسبوعي إلى 6 أيام، بالإضافة إلى زيادة الأجر اليومي بدلاً من المشاركة بأسهم ضئيلة القيمة، وأن يكون هذا مكتوباً في عقد ومتفق عليه كما هو متعارف عليه في الولايات المتحدة .

سرعان ما انطلقت الآلة الاعلامية الموالية للسفارة الأميركية والحكومة الكولومبيه وشركة الفواكه المتحدة ووصفت المتظاهرين " بالشيوعيين " و" الراديكاليين".

وفي 6 ديسمبر 1928، قامت القوات المسلحة الحكومية تحت قيادة الجنرال "كورتيس فارغاس" بحصار مدينة سيناجا ( Cienaga) التي تطل على المحيط
والتى تجمع العمال في أحد ساحاتها ، وصدر تحذير لتفريق المتظاهرين وبعدها مباشرة، و قبل أن يعطى المتظاهرون الوقت للرد، أعطيت الأوامر بإطلاق النار ما أدى إلى قتل المئات من المتظاهرين، بدعم كامل من وزارة الخارجية الأمريكية، حيث أن فرقاطة وجنود مشاة البحرية كانوا يراقبون الوضع من الميناء لكن لم يفعلوا شيئاً لوقف أو إدانة هذه المجزرة!
(وقد روى غابرييل غارسيا ماركيز الأحداث الدامية في روايته الشهيرة "مئة عام من العزلة" والتى صدرت عام1967 )

القرارات القمعية للجنرال فارغاس والتي أدت لمجزرة عمال الموز، جلبت رضا مؤقت لأصحاب شركة الفواكه المتحدة لكنها في ذات الوقت استقطبت الرأي العام السياسي والشعبي الكولومبي وأثارت الغضب، ما أدى إلى ظهور حركات راديكالية متطرفة عنيفة، كتلك التى عرفت باسم (القوات المسلحة الثورية الكولومبية" فارك"
والتي استمرت (حتى الآن) في الهيمنة على الفكر المتطرف، (وارتكاب الكثير
من الجرائم والمجازر الشنيعة والتي لن ينساها الكولومبيون حتى وإن صمد إتفاق السلام الذي تم توقيعه مؤخراً بين الرئيس الكولومبي خوان مانويل سانتوس وزعيم فارك رودريجو لوندونيو وصادق عليه البرلمان الكولومبي)

النتائج المباشرة وغير المباشرة لمذبحة الموز لا تزال ملموسة في كولومبيا بعد ٨٨ عاماً من حدوث واحدة من أحلك الأحداث في تاريخها المدني الحديث

(وفي مقال لاحق سوف نتحدث عن منظمة فارك المتطرفة حديثاً مطولاً).













الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;