د .إبراهيم مجدى حسين يكتب.. قانون الحضانة و نفسية الأطفال

منذ يومين وجدت ثورة عارمة علي وسائل التواصل الاجتماعي من الأمهات المطلقات و الغير مطلقات بسبب مشروع قانون حضانة جديد طرحته أحدى نائبات مجلس النواب و معها 60 نائبا آخر .
أكثر الانتقادات التي واجهت لمشروع القانون الجديد هو التعديل الخاص بتقديم مرتبة حق الأب فى الحضانة ،لتأتي بعد الأم مباشرة حال زواج الأم .
سوف أسرد بعض نماذج الانتقادات على مشروع القانون ، حيث وجدت بعض الأمهات تقول :"إن هذا القانون لن يمر إلا على جثتنا ،و يتساءلون.. كيف سيعيش الطفل مع زوجة أبيه و أمه لا تزال علي قيد الحياة؟؟
هل فعلا الأمهات لديهن حق في الثورة ضد مشروع هذا القانون أم لا ؟ ؟
و ما هو مدى تأثير هذا القانون نفسيا علي الأطفال؟؟
نعم و بكل ثقة ، أقولها الأمهات لديهن حق في الثورة علي مشروع هذا القانون،و لو تكلمنا بيولوجيا وفسيولوجيا فسوف يتم الإثبات بالدليل القاطع أن أم الطفل أقرب إليه من أبيه .
هناك هرمون أسمه الهرمون البيبتيدي أو الاكسيتوسين (بالإنجليزية: Oxytocin) وهي كلمة مشتقة من اللاتينية ὀξύς oxys وتعني الولادة السريعة.
يفرز هذا الهرمون بشكل جزئي من العصبونات جانب البطين (بالإنجليزية: paraventricular nuclei) في منطقة الوطاء (hypothalamus). وينقل من الوطاء إلى الجزء الخلفي من الغدة النخامية عن طريق العصبونات، ويخزن هذا الهرمون في الفص الخلفي للغدة النخامية ويستخدم عند حاجة الجسم إليه.

ولهذا الهرمون أهمية خاصة في عملية الولادة ،ولكن لا تكمن أهمية هذا الهرمون فقط في دوره الكبير في علاقة الأم بطفلها والعلاقة الحميمة بين الرجل والمرأة، بل ويتعداه إلى وظائف أخرى.
الدراسات الحديثة أثبتت أن هذا الهرمون يفرز أكثر عند المرأة و مرتبط بالحمل و الرضاعة ،و يطلق علي هذه الهرمون مصطلح حديث الآن ،و هو هرمون الحب ،إنه باختصار الهرمون الذي يجعل هذه العاطفة العظمية التي لا يجد لها أحد تفسير ،و هي عاطفة الأمومة ،العاطفة التي لا يستطيع أحد تجاهلها أو الوقوف أمامها ،وهى أقوي عاطفة في العالم ،وهى عاطفة تكلمت عنها كل الأديان ،لأن الأم بالفطرة أرحم وأحن من الأب ،و الدليل بشكل علمي كما ذكرت هذا الهرمون .

دعونا نرى كيف يذكر القرآن الكريم الأم و يوصي بها ( وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْنًا عَلَىٰ وَهْنٍ وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ ) (14)لقمان..وكذلك ( وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا ) (32)مريم .
والدليل هنا أن من لم يبر والدته يصبح جبارا و شقيا ،لأن الأم هي مصدر الحنان و العاطفة و الرحمة. . ( قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي ) (94)طه.. قال : ( يا ابن أم ) ترفق له بذكر الأم مع أنه شقيقه لأبويه، لأن ذكر الأم هاهنا أرق وأبلغ ، أي : في الحنو والعطف.
نأتي إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي نعرفه جميعا
..حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا جرير عن عمارة بن القعقاع بن شبرمة عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :( جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ،فقال يا رسول الله ،من أحق الناس بحسن صحابتي ،قال :أمك، قال ثم من، قال: ثم أمك قال ثم من، قال: ثم أمك ،قال ثم من ،قال: ثم أبوك ..وقال ابن شبرمة ويحيى بن أيوب حدثنا أبو زرعة مثله.
التوصية بالأم ثلاثة مرات دليل علي مدى أهمية الأم ومكانتها أكثر من الأب نفسه بثلاثة مرات .
هل يتغير هذا كله سواء كانت الأم مطلقة أو متزوجة ،بالطبع لا ، ستبقي هي الأم ، تبقي هي مصدر الحنان و العاطفة و الأصل .
تطرقنا للجانب الديني و الفسيولوجي والبيولوجي .نأتي للجانب النفسي في موضوع الحضانة .

الطلاق في حد ذاته يسبب ضغط شديد علي الأطفال و هناك اضطراب نفسي و مذكور في مراجع الطب النفسي separation anxiety .و من ضمن أعراضه أن يصاب الطفل بقلق شديد و بكاء متواصل و رفض الذهاب إلى المدرسة و رفض الطعام لإحساسه بإنه فقد شخص كان يرعاه ،يصيب هذا الاضطراب الأطفال عندما ينتقلون من مكان إلى مكان أو من مدرسة إلى مدرسة و بعد انفصال الأهل .
الدراسات الحديثة تقول إن بقاء الطفل الذى انفصل أهله مع أمه حتى وصوله لمرحلة المراهقة أمر ضروري لتخطي هذه المشاكل النفسية .

الانفصال و تأثيره النفسي علي الأطفال مشكلة تؤرق الأسر ،وطبقا للدراسات و الإحصائيات الحديثة فى مصر ،تؤكد أن ارتفاع معدلات الطلاق بنسبة كبيرة ،طبقا لإحصاءات الجهاز المركزي للتعبئة العامة و الاحصاء، والدراسات الأجنبية الحديثة تشير إلى أن هناك ربط بين الانفصال و تأثيره ،خصوصا علي المراهقين و سلوكياتهم ،فقد وجدوا انتشار معدلات التدخين وتعاطي المخدرات وتناول الكحوليات،بجانب الانحراف السلوكي و الكذب و السرقة و الميل للعنف و كسر القواعد.

عادة ما يتم الطلاق في مصر بشكل غير حضاري ،فنجد صراعا بين الأب و الأم علي الأطفال ،و نجد محاولات من أهل الأم و الأم لجعل الطفل يكره والده ،و نجد الأب يحاول من ناحية أخرى جعل الأطفال يكرهون أمهم ،و ينفق ببذخ على ذلك ،كل هذه الأفعال تؤدي إلي ظهور عدة اضطرابات نفسية عند الأطفال ، منها القلق و التوتر ،و اضطرابات الشخصية عند الوصول إلي مرحلة الكبار ،و في بعض الأحيان يحدث الفصام الذهاني، لأن الطفل يعيش في صراع دائم بين ما تقوله الأم و ما يقوله الأب ،بجانب الخوف من الارتباط عند الوصول إلى مرحلة الزواج .
الدراسات الحديثة أشارت أيضا إلى أن الانفصال يجب أن يكون بشكل حضاري ،و حددت شروط للحاضنة يحددها الطبيب النفسي والأخصائي الاجتماعي و النفسي و القاضي ،و دور الطبيب النفسي كما تقول مراجع الطب النفسي الشرعي في الولايات المتحدة تتمثل فى ، ضمان استقرار الحالة النفسية للطفل ،إذا كان الأب أو الأم حاضا ، مع فحص نفسي للأب و الأم و تحديد من منهما يستحق حضانة الطفل ،وضمن من تسقط حاضنتهم الأب المدمن أو الأم المدمنة ، والأب أو الأم الذين لديهما ميول للعنف ، كذلك تحديد الثقافة و التعليم للأب و الأم ،و معرفة كيف يستفيد الطفل إذا انتقلت الحضانة لأي منهما ،والتأكد من وجود دخل ثابت للأب أو الأم يستطيع أن يوفر حياة كريمة للطفل ، والتأكد باستمرار أن صراعات بين الأب و الأم لن تؤثر علي نفسية الطفل ،كما يتم إجراء تقييم كل 6 أشهر ،وعلى إثره يتم تحديد لمن تذهب الحضانة ،و يذهب المختصون للزيارة علي الطبيعية لمنزل الحاضن أو الحاضنة، وعلى الرغم من أن مشروع قانون الحضانة الجديدة في مصر يتم من خلاله تخيير الطفل ،و لكن هذه ليست كافية ،لأن الطفل من الممكن أن يتعرض للمغريات التى تؤثر علي اتخاذه للقرار.
إذن قوانين الحضانة في الخارج تخضع لشروط علمية و ثقافية و ليس لها علاقة بزواج الأم من عدمه.
والخلاصة أن الإبن لن يجد مأوى رحيما يلجأ إليه و يحنو عليه وقت الشدة إلا حضن أمه .




الاكثر مشاهده

"لمار" تصدر منتجاتها الى 28 دولة

شركة » كود للتطوير» تطرح «North Code» أول مشروعاتها في الساحل الشمالى باستثمارات 2 مليار جنيه

الرئيس السيسى يهنئ نادى الزمالك على كأس الكونفدرالية.. ويؤكد: أداء مميز وجهود رائعة

رئيس وزراء اليونان يستقبل الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي محمد العيسى

جامعة "مالايا" تمنح د.العيسى درجة الدكتوراه الفخرية في العلوم السياسية

الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي يدشّن "مجلس علماء آسْيان"

;