العاشرة إلا دقائق صباحا، فجأة وجد المصلون بالكنيسة البطرسية بالعباسية أثناء تجمعهم لأداء صلاة الأحد كالعادة، أن الساعة توقفت ولم تدق كعادتها، معلنة أن الساعة العاشرة تمام صباح الأحد، فعقاربها تعطلت، ورفضت المضى قدما فى توقيتها، معلنة أنه فى ذات اللحظة تقريبا، ستقوم يد غادرة بتفجير داخل الكنيسة ينتج عنه المزيد والمزيد من الضحايا الأبرياء .
توقف ساعة الكنيسة تزامنا مع وقوع انفجار ، قد يكون إشارة غضب، أكثر من كونها مصادفة ، فى أجمل يوم طلعت فيه الشمس هو ميلاد المصطفى محمد ، فالدين لله ، والدم واحد، لكن الناس يفرقون، و الأهواء والنوايا تختلف .
دائما نعرف ، لكنا نحتاح المزيد والمزيد من الأدلة والبراهين، أن يد الغدر لا تفرق بين مسلم أو مسيحى، لا تكترث كثيرا أن ما تسيل على أرض مصر دماء رجل أو امراة ، فالهدف واحد وهو إحداث أى وقائع تخريبية فى لحظات فرح المصريين بشكل عام ، لإجهاض بهجتهم.
لم تمر 48 ساعة تقريبا منذ انفجار الهرم الذى وقع بجوار مسجد السلام ، فى يوم الجمعة "عيد المسلمين" على الأرض، الذى راح ضحيته 6 من قوات الأمن (ضابطان – أمين شرطة – 3 مجندين) ، وإصابة 3 مجندين آخرين، ليحدث انفجار آخر يوم المولد النبوى الشريف ، الموافق اليوم الأحد ، الذى يعده الأقباط عيدا، ويحرصون على حضور القداس وأداء الصلوات داخل الكنائس والكاتدرئيات، خاصة أنهم على بعد أيام من ميلاد عيسى عليه السلام، وما بين ترانيم وأدعية وروحانيات الكنيسة البطرسية التابعة للكاتدرائية بالعباسية ، وقع الانفجار قريبا بل داخل الكنيسة نفسها، مما يعنى دخول أحد الأشخاص ووضع مادة شديدة الانفجار " تى إن تى " ، مما تسبب فى وفاة أكثر من 23 شخصا، ووقوع 49 مصابا.
أيام مباركة ، مابين ميلاد النبى محمد ، وميلاد عيسى عليه السلام ، اختلطت أجراس الكنائس بأصوات الدعاء والآذان ، دماء وحزن كبيران .
الكلمات لا تسعف ، والعبارات عاجزة عن التعبير ، مابين مسجد وكنيسة ، ومابين جمعة وأحد ، وقع الغدر بالمصريين، فانطفأت فرحة الاحتفالات ، وانخفضت أصوات الترانيم .
الكارهون لمصر لا يريدون مساحة من الفرحة ، لا يريدون أن يجتمع المصريون حول عيدين لهما "ميلاد محمد وميلاد المسيح " عليهما أفضل السلام.
لن نلجأ اليوم إلى اتهامات نوجهها إلى الأمن ، فيد الإرهاب ماكرة ، ومتربصة ، مهما اتخذنا من احتياطات إلا أنها تضرب ، لكن طبقا لما صرحت به المصادر الأمنية فإن الانفجار تم بوضع حقيبة بالقرب من تواجد السيدات بالكنيسة ، مما يرمى بظلاله أن الفاعل هذه المرة امرأة .
امرأة اتجهت بمنتهى الثبات عابرة البوابة الإلكترونبة التى من المحتمل لم تلتقطها لأنها "معطلة"، وضعت حقيبة أكدت التحريات الأولية أنها كانت تحوى 6 كليو لمادة التى إن تى شديدة التفجير ، لم يوقفها أحد ، أو يشك فيها أحد ، ليتم ضرب الكنيسة من الداخل لأول مرة فى تاريخها .
القراءة السريعة للأحدث ومابين تفجيرى مسجد السلام والكنيسة البطرسية ، نتأكد بسهولة أن الجانى واحد ، لا يهمه أشخاص أو ديانات ، وإنما هدفه زعزعة الأمن الوطنى ، وترهيب المواطنين ، لا يهمنا أيضا أن نعرف ديانته – ديانتها- إذا ثبت أنها امرأة ، ولكن ما يهمنا أن يظل الوطن نسيجا واحدا، ويعلم الكل أن مصر أقباطها ومسلميها مستهدفون، وأن وقت زرع الفتن، يتم استهداف الجميع ، فلا فرق بين مسلم وقبطى ، وأن محمد والمسيح معا، دين لله الواحد، مهما اختلفت الآراء وتشدقت الحناجر.