كاتدرائية كل المصريين وليس الأقباط وحدهم، وكما يقتلون محمد وأحمد ومحمود وعبدالرحمن، امتدت أصابع الغدر والخيانة إلى هذا الرمز الدينى العريق، فى محاولة إجرامية لإفساد فرحة الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف التى تتزامن مع أعياد المسيحيين، لتزداد لحمة المصريين وإصرارهم على استكمال تحرير وطنهم من الإرهاب مهما كان الثمن وعظمت التضحيات، وليس فينا مسلما أو مسيحيا، فالمصاب لنا جميعا، والعزاء لكل أبناء الوطن، ومن يفسر الحادث فى إطار دينى، يرتكب خطأً جسيما فى حق الوطن.
لن أردد العبارات الإنشائية المعتادة التى تتحدث عن سماحة الإسلام ونبذه للعنف والإرهاب، فما حدث لا علاقة له بالإسلام، ولا يصح تفسيره من قريب أو بعيد فى هذا المفهوم، ولا يجب أن نقول فى مثل هذه الحوادث أن المسيحيين إخوتنا، فالنساء والأطفال الذين سقطوا فى الكتدرائية هم أبناء الوطن، لا فرق بين مسلم ومسيحى والتفجيرات لا تختار وفقا للأديان، وإنما تستهدف كل مصرى أيا كانت ديانته، ومصر كلها على قلب رجل واحد فى ذلك المصاب الأليم.
مخطئ من يتصور أن المستهدف هم الأقباط، ولكن ضرب الدولة المصرية والمساس بهيبتها، والقيام بعمليات انتحارية يائسة، ردا على الضربات الحاسمة التى يوجهها الأمن للعناصر الإرهابية فى سيناء وداخل البلاد، وبعد ساعات من تأييد محكمة النقض لحكم إعدام عادل حبارة وعدد من الإرهاببين، ودخول مرحلة القصاص العادل، رغم المظلة القانونية التى يتمتعون بها، وتطيل أمد إجراءات المحاكمة، وتزيد اللوعة والألم لدى أسر الضحايا.
حادث الكاتدرائية لن يوقف احتفالات إخوتنا المسيحيين بالأعياد المقبلة، ولن يمنعنا من الذهاب إليهم لنقول لهم كل سنة وأنتم طيبون، وسوف تدق الأجراس وتُضاء الأنوار وترتفع الزينات، وستكون كنائسنا فى حماية المسلمين قبل المسيحيين، وسوف نسترجع ملاحم التعاون الرائعة، عندما احتشد المسلمون بجوار إخوتهم المسحيين، لحراسة الكنائس وحمايتها فى فترة حكم الإخوان.
لا أنسى عبارة اللورد كرومر الرائعة، عندما بعثته الحكومة البريطانية، لإشعال الفتن بين المسلمين والمسيحيين، والقضاء على الثورة الشعبية، فأرسل لحكومته يقول «ذهبت إلى مصر فلم أجد فيها سوى مصريين، بعضهم يذهب إلى المساجد، وبعضهم إلى الكنائس.. ولا فرق».