سؤال يحيرنى منذ فترة ولا أجد إجابة عليه من المعنيين بالأمر، لماذا لا يتنازل مبارك وأسرته عن الأموال المهربة للخارج، التى تأكد أنها فى حسابات بسويسرا بأسمائهم؟ لا مبارك أجاب عن السؤال، ولا سوزان ولا علاء وجمال، اللذان يتعمدان الظهور فى المناسبات العامة، ويدغدغان مشاعر البسطاء حتى يقولوا: إن أيام مبارك كانت أفضل، ولا حتى الألتراس المدفوع مقدما، الذى يظهر بصور مبارك أمام مستشفى المعادى العسكرى أو يشتم الكتاب المختلفين على فترة حكم الرجل وزوجته وولديه.
الصمت الرهيب هو سيد الموقف، كلما مددت السلطات السويسرية فترة تجميد الأموال الخاصة بمبارك وعائلته وأركان نظامه، وكأن الأمر لا يخصهم ولا يخص الدولة المصرية، بينما يهرع فريد الديب وكتيبة المحامين المدافعين عن الرئيس الأسبق، لإرسال المستندات والأوراق التى تطالب وترجو وتناشد السلطات السويسرية بالإفراج عن مئات الملايين من الفرنكات المجمدة، وحتى يفعلوا ذلك لا بد بالضرورة أن يشككوا فى الأحكام الصادرة على مبارك فى قضايا التربح واستغلال النفوذ بقضايا القصور الرئاسية وغيرها من القضايا الأخرى.
هل تذكرون ماذا كان مبارك وعائلته وأنصاره يقولون كلما انفتح ملف أموالهم فى الخارج؟ مبارك أعلن صراحة أكثر من مرة أنه لا يمتلك هو وأى من أفراد عائلته أى أرصدة مالية أو ممتلكات بالخارج، ثم استدرك على تصريحاته بالقول: إن ذمته المالية منفصلة بالضرورة عن الذمة المالية لولديه علاء وجمال وحتى عن الذمة المالية لزوجته سوزان ثابت، فإذا كنا سنحاسب علاء وجمال وسوزان على أى تجاوزات ارتكبوها، فلا يجب أن نحاسب مبارك عليها مرة ثانية.
وفى هذه التصريحات المصاغة بشكل قانونى مغالطتان، الأولى تتعلق بعدم وجود أموال لمبارك وأسرته فى الخارج، فقد ثبت بالدليل أنها كذبة كبيرة، بدليل الـ570 مليون فرنك سويسرى المجمدة عاما إضافيا، وأن الرجل فعلاً استغل منصبه كأى موظف سيئ الأداء بهدف الاستغلال والتربح، وهو ما لا يليق بالموظف العام العادى، فما بالك بمقام الرئاسة المصرية، أما المغالطة الثانية والخاصة بفصل الذمة المالية لمبارك عن بقية أفراد أسرته، فلم يكن يتسنى لأى من عائلته أن يكون له هذه الثورة والسطوة على المسؤولين فى البلد، إلا بتشجيع من الأب الذى عمد إلى إقصاء الشرفاء الحريصين على مصالح الناس وتولية غير الأكفاء، فماذا ننتظر من وزير غير كفء إلا الفساد والتخديم على العائلة المالكة؟
أقل ما يمكن أن يكفر فيه مبارك وعائلته، أن يتنازل عن أمواله المهربة للخارج للدولة المصرية، ولنبدأ بالأموال التى كشفت عنها سويسرا وجمدتها.