عندما صدر كتاب «إغراء السلطة المطلقة»، للكاتبة والطبيبة النفسية بسمة عبدالعزيز، وكان من قبل قد حصل على جائزة أحمد بهاء الدين للباحثين الشباب عام 2009، أصبح بالنسبة لنا بمثابة «اكتشاف» جديد نقرأه دون توقف، نقرأه ونعيد قراءته، مبهورين بالدقة والبحث والتحليل وبالجرأة فى تحدى «الجبروت الأعظم» فى ذلك الوقت وعدم الخوف من حبيب العادلى ورجاله.
من يومها وأنا أتتبع كتابات بسمة عبدالعزيز موقنا بقدرتها على التفكير المستقل وإسقاطها للحسابات الشخصية من معادلة الكتابة والبحث، ومؤخرا عندما تم اختيارها ضمن قائمة مجلة «فورين بوليسى» لـ100 من قادة الفكر فى العالم لعام 2016، أدركت تماما أن القدرة على المقاومة فى العالم العربى وفى مصر لا تزال مستمرة.
وبسمة عبدالعزيز، نموذج لجيل من الشباب المصرى يسعى دائما لتطوير نفسه وتقديم أفضل ما لديه، فهى طبيبة وفنانة تشكيلية وأديبة، صدر لها مجموعتان قصصيتان ورواية، وعدد من الدراسات النفسية والاجتماعية، منها «ذاكرة القهر: دراسة حول منظومة التعذيب» وكتاب سطوة النص الصادر حديثا 2016.
ما يميز أفكار بسمة عبدالعزيز هو الاستغراق فيما يهم المجتمع وما يمثل له أزمة راهنة، هى فى كتاباتها لا تتعالى ولا تتحدث فى العدم، لكنها تجعل من الأزمات الواقعية، مادة بحثها وتأملها، وقد ساعدها عملها طبيبة نفسة فى فهم الكثير من المغاليق المستحكمة فى المجتمع المصرى.
بسمة عبدالعزيز تفكر خارج الصندوق، أفكارها ثورة، والثورة لديها تعنى التغيير والبحث عن الأفضل، والوصول للأفضلية يعنى معرفة القائم فعلا ومشكلاته وكشفه وفضحه، وإيضاح مناطق ضعفه وتسلطه، ثم الحركة للأمام.
ومما يعجبنى فى بسمة عبدالعزيز أنها شابة لم تتجاوز الأربعين من عمرها، لكنها عرفت طريقها مبكرا، وتوجهت مباشرة ناحية ما تراه صوابا مسلحة بالعلم والقدرة على الفعل، يعجبنى أيضا توثيق أفكارها سواء بالدراسات البحثية أو بالكتب الأدبية أو بالمقالات أو بأى وسيلة تراها، وإيمانها بأن الشفهية والخطابة لن تصنع الأثر الحقيقى، لأن الأفكار المسجلة هى التى تبقى ولا نحتاج لتكرارها.
تؤمن بسمة عبدالعزيز بذاتها وبما تقوله، وبالتالى ينعكس ذلك فى الصدق الذى نحس به فيما تكتبه، هى مهمومة على المستوى الحقيقى بما يحدث فى الشارع المصرى، لذا فإن وجودها فى هذه القائمة شرف لكل المصريين وكل المفكرين الذين يحلمون بعالم أفضل.
تستحق بسمة عبدالعزيز أن تكون نموذجا يتم التركيز عليه وتقديمه لأبنائنا فى المدارس والبيوت، حتى يخرج جيل مستقل يفكر من أجل الحقيقة ويبنى وطنا على أسس قوية بالفعل.