نعم ظلمت مصر وقيادتها وشعبها فى التغطية الإعلامية الخارجية لهذا الحادث المأساوى.. وللأسف لا نملك من الأدوات الاحترافية لتسويق الحقيقة فى الخارج سوى أن الأيام المقبلة تكون أفضل لتنصفنا.. فما يكتب فى الصحف والمواقع الإخبارية الأجنبية يجعلنا نشعر بأننا نقف فى الصفوف الخلفية من إدارة الأزمة بسبب العديد من المؤسسات داخل هذه الدولة، فى حين أنه كان بين أداء الرئيس والجهد المتميز من الأجهزة السيادية والأمنية سيمفونية صادقة محترفة من الإنجازات صادقة تدرس، لكن تبقى للأسف فجوة فى التواصل والتسويق.
بعد التصريح الرسمى من الرئيس عبدالفتاح السيسى والإعلان السريع عن اسم الإرهابى والتوضيح أن عملية التفجير تمت من خلال الحزام الناسف شعرت بمدى التغيير والحرص الشديد على مدى السرعة فى المواجهة، والرغبة فى المعالجة بالرد الواضح والصريح وبالكشف عن حقيقة مرتكبى هذا الحادث ومَن المشارك فيه.. اتصلت بصديقتى المقربة «روز مارى» لأقدم لها التعازى، حيث كنت فى حالة ارتباك قبلها بيوم وتأخرت فى الاتصال لشعورى الشخصى بالغضب والحزن والخوف فى أن تبدأ المكالمة بين المواساة والصبر، وتنتهى باللعنة على الظروف، والدعاء بالهداية من الله، ولكن بكلمات كانت تخرج منها بإصرار وبرغم صوتها الحزين تقول لى: «نعم الحزام الناسف ممكن أن ينسف كنيسة ولكن مستحيل ألف حزام ناسف أن ينسف إيماننا بالرب، ولا بهذا الوطن، فنحن نتفهم الضغوط وعمق المؤامرة والنزيف حين يبدأ لا يفرق بين من يحمل فى قلبه الصليب أو القرآن، فكلنا على هذه الأرض مصريون ومؤمنون».
فى النهاية أصبحت هى من تواسينى وتصبرنى.. فوجدت نفسى أقول: وجب أن نستغل كل هذا الألم الذى تم فى حق الوطن ليكون الدافع الأساسى للمراجعة الكاملة والتغيير، فلا نتوقف بين المساحات الرمادية فقط لتحديد نقاط الضعف بين الأمن الخارجى والداخلى للكنيسة، وأن ندرك الحقيقة وهى أن جزءا من المأساة هو الحصاد اليومى الذى ترك لسنوات بين الإهمال والتقصير لنوعية الوعى الثقافى والاجتماعى، فإن أردنا الإصلاح علينا البدء بالمواجهة والاعتراف وليس باستمرار فى حالات الإنكار والصمت عن عمق ما وصل إليه السلوك البشرى، فالأخلاق فى المجتمع هى من يدعم الاستقرار الحقيقى بين الاختلافات الدينية والسياسية، ويصمد أمام الشائعات المختلفة، والمؤامرات.
والأهم هو نوعية التعليم فهو المساهم الأساسى فى رفع هذا الوعى مع مراعاة تحسين عدد من الخدمات المتدنية التى قد تصل لمستوى الإهانة للإنسانية.. وتظهر فى مشهد الإهمال فى الصعيد وأهله وقرى مغيبة إلى شمال سيناء كلها، تساهم فى تصعيد حالة النقمة وغياب الثقة بين المواطنين والدولة، فالجلسات العرفية هى من أهم الأمثلة ونهج أصبح عاديا وطبيعيا يؤكد التراجع للدولة أو اعتكافها، فهى مترددة دائما فى تعيين محافظ مسيحى وتخجل من تعيين ناظرة مسيحية فى مدرسة فى صعيد مصر... إلخ حالات التعيين وترسيخ القبول أو الرفض ليس بالكفاءة والأداء.. ولكن الولاء للجماعة والإرضاء لجمهور المسرح المتشدد.. مما لوث هوية الاعتدال وتركت القرار لنوعية من المتطرفين.
فإذا أردنا إنقاذ وطن فعلينا بعد هذا الحادث ألا نستسلم وننتفض ونعيد النظر فى كل المنظومة السلوكية والأخلاقية والإجراءات القانونية.. وأن ندرك أن المنابر الدينية والإعلامية لا تصنع زعامات سياسية، ولكن يؤثر على العقلية كل ما يقدم فى كتاب أو شاشة والحوارات بين الشباب.. إذا الردع والحساب القانونى بسرعة الإجراءات.. والإيمان بالوطن انتصار فأعطوا المثال الجيد، ارفعوا من مستوى الأداء واحترفوا فى التسويق الإخبارى لهذا الوطن ليس بالأخطاء والسلبيات ولكن بالإيجابيات والإنجازات، فلديكم الكثير منها لو تعلمون.