يخطئ من يظن أن قطر وتركيا قلبهم على السوريين، فلكل منهم هدف يسعى لتحقيقه، الاثنان ومعهما دول أخرى إقليمية ودولية، لديهم عداء شخصى مع نظام بشار الأسد، ويتمنون اليوم الذى يرون فيه جسد الأسد محمولاً على الأكتاف إلى القبر، أو متهماً أمام الجنائية الدولية، أو أن يلقى مصير القذافى.
وهناك من يناصبون الجيش العربى السورى العداء، ويريدون القضاء عليه، كما فعلوا مع الجيش العراقى، ويحاولون مع جيوش أخرى فى المنطقة، ولتحقيق هدفهم الخبيث دائماً يسعون إلى سكب الزيت على النار المشتعلة فى سوريا، لدرجة أن هذه الدول دخلت الأزمة السورية بحساباتها الشخصية، معلنة دعم الجماعات الإرهابية التى أصبحت فى نظر هذه الدول «المعارضة المعتدلة» التى يجب دعمها، رغم أن كثيرا من هذه المعارضة هو امتداد لتنظيمات إرهابية دولية تحاول فرض رؤيتها التكفيرية فى العالم العربى.
القضية إذن لا تتعلق بحلب أو حمص أو دمشق أو أى من المدن السورية، أو حتى آلاف السوريين المشردين حالياً على الحدود وفى معسكرات لاجئين تفتقد لمقومات الحياة الأساسية، وإنما الهدف هو القضاء على سوريا، والجيش العربى السورى، لذلك تصول تركيا وقطر ويجولان ومعهما دول أخرى بالمنطقة لإفساد أى اتفاق هدنة يتم التوصل إليه، لأنهم لا يريدون التهدئة فى سوريا، قدر رغبتهم فى رؤية سوريا بكاملها منهارة ومدمرة.
الأتراك يزعجهم التحركات الكردية لتكوين دولة لهم على الحدود، لدينا أكراد فى العراق وإيران وتركيا وسوريا، وهو قريبون من إعلان دولتهم المستقلة فوق إقليم كردستان العراق المتمتع حالياً بالحكم الذاتى، لكن الأكراد حلمهم أكبر من ذلك، وهو دولة تجمع العرق الكردى، وهو أمر يزعج الأتراك، ويعتبرون أن السيطرة على سوريا هو الهدف المرحلى المهم بالنسبة لهم، لأنهم بذلك سيقضون على أى محاولة لتكاتف الأكراد وتكوينهم كيانا خاصا بهم.
قطر هى أكبر ممول للجماعات الإرهابية بالمنطقة، ولديها صلات مباشرة ومعلنة مع بعضها، ولا ننسى أنها تفاوضت من قبل مع جبهة النصرة، الجناح السورى لتنظيم القاعدة، للإفراج عن بعض الجنود اللبنانيين، وتوسطت قطر فى العملية ودفعت فدية للجبهة، كما أنها تستضيف قيادات الإخوان الإرهابية وتقدم كل الدعم لهم، ويهمها أن يسيطر هؤلاء على سوريا، ليدينوا بالولاء لها، فحكام قطر لديهم عقدة أسمها «الإمارة الصغيرة»، لذلك تجدهم يناوشون هنا وهناك حتى يكون لهم كلمة مسموعة، حتى وإن أنفقوا على ذلك مليارات الدولارات بهدف هدم دول، لكن يظل هدفهم الخبيث هو أن يكونوا جزءًا من المعادلة.
من ينظر للوضع الحالى فى حلب سيتحقق من صدق ما أقوله، فالجيش العربى السورى اقترب من تحرير المدينة بالكامل من الجماعات الإرهابية، لنفاجأ بقطر التى تخشى من القضاء على حلفائها باللجوء إلى جامعة الدول العربية طالبة عقد اجتماع طارئ حتى يوقفوا انتصارات الجيش السورى، وترافق ذلك مع حملات إعلامية منتظمة، سواء من الإعلامى القطرى ممثلاً فى قناة الجزيرة، أو الإعلام السعودى، لتشويه ما يقوم به الجيش العربى السورى فى حلب، ولإظهاره بشكل غير إنسانى عبر قصص وروايات أغلبها مختلق لخلق رؤية دولية وإنسانية ضد ما يقوم به الجيش السورى فى حلب.
الأخبار الواردة من حلب أن الجيش السورى نجح حتى أمس الأربعاء فى بسط سيطرته شبه الكاملة على كل أحياء ومراكز مدينة حلب وتحريرها من قبضة الميليشيات والتنظيمات الإرهابية، فى وقت سادت فيه حالة من الارتباك لدى الأطراف الداعمة لتلك الميليشيات، وفى مقدمتها تركيا وقطر والعديد من الدول الغربية، وهذه الأخبار تؤكد أن الوضع فى حلب يسير فى الطريق الصحيح، وهو تحريرها بالكامل من الإرهاب والأذرع القطرية والتركية، وهو أول الطريق لدحر الإرهاب فى كامل سوريا، حتى تستعيد الدولة قوتها مرة أخرى.