بادئ ذي بدء لا تشكل الجريمة المنظمة في مجال الاتجار بالأعضاء البشرية ظاهرة قائمة تعاني منها منطقتنا العربية ، حيث لا توجد دلائل أو مؤشرات على وجودها في الوقت الحالي ، بيد أنه لا بد من توخي الحذر والحيطة اتجاه الظاهرة التي تتعدى آثارها مجتمع الدولة الواحدة لتصيب بأضرارها العديد من الدول الأخرى.
ولقد بدت في الآونة الأخيرة تظهر مؤشرات تنبئ بخطورة ظهور تجارة جديدة مربحة في الأعضاء البشرية من خلال وسطاء وسماسرة ومتاجرين يضطلعون بأنشطة إجرامية غير مشروعة في هذا المجال ، وإن كانت قائمة في بدايتها ومحصورة في حالات محددة في بعض مناطق دول العالم ، حيث وجدت بها حالات لتصدير أعضاء الجسم البشري باستخدام مستندات ووثائق مزورة ، كما كشفت حالات لجثث موتى في مشارح لم يطالب بها أحد كانت محلاً لانتزاع أعضاء بشرية منها ، ووجدت بعض حالات لاتجار بالأطفال بغية استغلالهم في عمليات نقل وزراعة الأعضاء
يعد الاتجار بالبشر الوجه العصري لظاهرة الرق والعبودية، وله صور ومظاهر متعددة كالاستغلال الجنسي بمختلف إشكاله والخدمات القسرية ونزع الأعضاء البشرية والاتجار بها، والاهدية.الأطفال لأغراض التسول والتجنيد في النزاعات المسلحة وفي سباقات الهجن والتبني والإشكال الاخري، وتنتهك هذه الأفعال حقوق الإنسان بصفة عامة، و إنها تتعرض لبعض الحقوق بصفة خاصة، كالحق في امن الشخص وكرامته والحق في عدم التعرض للتعذيب أو الاحتقار أو المعاملة اللاإنسانية والمهينة والانتهاك الجسدي والحق في العمل اللائق,ويعد الاتجار بالبشر جريمة ضد الإنسانية لما ينطوي على عدوان صارخ على القيم الإنسانية والجماعات البشرية، حيث يجعل الإنسان سلعة ومحلا للعرض والطلب ويمكن تداولها واستغلالها بكافة الوسائل غير المشروعة وذلك بالمخالفة لتعاليم الأديان السماوية والقوانين والأعراف الدولية, ولذلك فان الاتجار بالبشر يخلف أثارا سيئة على الجوانب الإنسانية والأمنية والاجتماعية والنفسية والصحية للضحايا, كما إن انتشاره في الدول يجعل من هذه التداعيات ذات اثر سيئ على النظام العام في الدولة , في جميع عناصره التقليدية وغير التقليدية منها .
ترجع نشأة تجارة الأعضاء البشرية إلى ما بعد النصف الثاني من القرن العشرين حيث تخطت زراعة الأعضاء مرحلة التجارب إلى مرحلة التطبيق الآمن خاصة بعد عام 1970 ، ويعد الرقم العالمي في زراعة الأعضاء وتحمله فتاة أمريكية زرع لها سبعة أعضاء في جسمها عام 1997 بينما زرع خمسة أعضاء ( الكبد ، البنكرياس ، المعدة ، الأمعاء الغليظة ، الأمعاء الدقيقة ) لشخص في العقد الرابع بولاية ميامي في الولايات المتحدة الأمريكية واستغرقت العملية 72 ساعة متصلة .
وعليه فإن ظاهرة الاتجار بالأعضاء البشرية حديثة بالمقارنة مع الظواهر الإجرامية الأخرى حيث أدى التطور التقني والعلمي إلى الانتقال من مجال التجارب الصناعية واستخدام الهندسة الطبية إلى مجال التطبيق في زراعة الأعضاء البشرية البديلة .
يقصد بالاتجار بأنه مصدر يقصد به البيع والشراء بقصد الحصول على ربح وهو التجارة ، وإذا كان محل التجارة مشروعاً كانت مشروعة كالاتجار في السلع والبضائع ، أما إذا كان محل التجارة غير مشروع فهي تجارة غير مشروعة كالاتجار في المخدرات والاتجار في بني البشر ومثله عدم جواز نقل عضو من جسم بشري مقابل ثمن من أجل الاتجار ، ويحظر إنشاء مؤسسات تجارية تهدف إلى الاتجار في الأعضاء البشرية أو التوسط في معاملات تكون موضوعاً لهذه الأعضاء فهذه المعاملات باطلة بطلاناً مطلقاً .
ويقترح البعض بأن يكون التنازل عن بعض أعضاء الجسد بدون مقابل وأساس ذلك تعارض البيع والشراء مع كرامة الإنسان ومن ثم لا يجوز أن يكون هناك مقابل مادي أو نقدي أو على شكل هدية .
إن التصرف القانوني بالبيع في العضو البشري المكرر أو غيره في أثناء الحياة أو بعد الوفاة باطل لمخالفته قواعد النظام العام والآداب العامة وأن بيع الدم البشري أو الكلية أو القرنية مثلاً إنما هو عمل غير أخلاقي يرفضه الوجدان العام مهما كانت دوافعه ، كما أن إباحة تجارة الأعضاء البشرية يحول الإنسان من مخلوق كرمه الله إلى سلعه تجارية تخضع لسوق العرض والطلب وهذا ما لا يجوز ديناً وأخلاقاً وقانوناً .تطور مجال الطب البشري وإنقاذ بعض المرضى بنقل أو استبدال الأعضاء البشرية للذين يعانون من إمراض مزمنة وقاتلة وبين الساعين للاتجار بهذه الأعضاء البشرية من خلال انتزاعها من الأطفال والنساء والرجال المستغلين.
وفي السنوات الأخيرة أجريت العديد من العمليات الجراحية الناجحة خاصة بعد اكتشاف عقار" السيكلوسبورين" توصل إليه العلماء حيث يساعد العضو الغريب المزروع علي البقاء في جسم المريض ، ويثبت الجهاز المناعي لجسمه ، وبفضل استخدام هذا العقار الجديد ارتفعت نسبة نجاح عمليات زرع الأعضاء إلي حوالي 80% فكان ذلك إشراقا جديدا في حياة البشرية ، محققا آمال آلاف البشر في إنقاذ حياتهم عن طريق عمليات زرع الأعضاء لهم.
وبسب الكم الهائل من عمليات نقل الأعضاء ، يستحق من رجال القانون إظهار التعاون مع العاملين بالطب ، حتى توضع هذه العمليات في إطارها القانوني السليم مما يحقق فعلا سعادة البشرية.
وفي مجال زرع الأعضاء أيضا ، فقد قام الطب بدوره علي أكمل وجه أوضح إمكانية إجراء مثل هذه العمليات وبهذا فقد ألقي الكرة إلي رجال القانون فمن حق الطبيب أن يعرف النظام القانوني لإجراء هذه العمليات حتى لا يقع تحت طائلة المسؤولية القانونية.
كما يجب علي القانون أن يضع الحدود اللازمة للتصرف في الجسم ، فمن يريد أن يعاون غيره بتقديم جزء من جسمه لإنقاذه ، يجب أن يعرف شروط تصرفه ومدي مشروعيته ونفقات العلاج بازدياد لدرجة أصبح من المستحيل علي غالبية المرضي تحملها ولهذا كان لا بد من أن يتدخل القانون لإنشاء أنظمة قانونية تسمح بتخفيض هذه الأعباء وذلك عن طريق نظم التأمين.
تعد عمليات نقل وزرع الأعضاء البشرية من الموضوعات المهمة جدا ويرجع ذلك إلي طبيعة هذه العمليات التي تتمثل في نقل عضو بشري من جسم بشري إلي جسم بشري آخر وسواء كان من إنسان حي أو متوفى .
ويثير هذا الموضوع جدل كبير علي الصعيد الشرعي والقانوني من حيث مدي صحة هذه العمليات من الناحية الشرعية ومدي توافقها مع نصوص القانون.
وعن آلية توفير الأعضاء البشرية إن هناك أربع طرق هي:
1- قيام شبكات متخصصة بتوفير الأعضاء البشرية بالتعاون مع مستشفيات خاصة، ويتم الإعلان عن ذلك تحت عنوان التبرع مقابل مبالغ مالية، وتختلف أسعار الأعضاء البشرية من بلد إلى آخر.
2- باختطاف الأطفال واستئصال بعض الأعضاء منهم مثل سرقة العيون والكلي.
3- نقل هذه الأعضاء وبيعها للمستشفيات التي تدير مثل هذه العمليات، وهذه الظاهرة لوحظت في البرازيل، حيث هناك أكثر من أربعة ملايين طفلا مشردا (وفق إحصائيات الأمم المتحدة).
4- اختطاف الأطفال والمشردين والمعاقين والمجانين، والقيام بقتلهم ومن ثم بيع أعضاء من أجسادهم بمبالغ طائلة، وسرقة الجثث سواء كانت جثث المحكوم عليهم بالإعدام أو غيرهم، ممن لا أحد يتسلمها من المشرحة أو سرقة الجثث حال دفنها في المقبرة.
وكانت مصر قد أصدرت قانوناً في عام 2010 وينظم التبرع بالأعضاء البشرية بشرط أن يكون التبرع بين الأقارب حتى الدرجة الرابعة و يمكن نقل الأعضاء من الموتى حال ثبوت الموت يقيناً ولا يسمح القانون بنقل الأعضاء من الموتى إكلينيكيا أي ذلك بعد موت خلايا المخ وهو ماتم الاتفاق عليه دوليا أن بعض الأماكن التي تم مداهمتها بدروم” عمارة يجرى فيه عمليات نقل الأعضاء أن المريض يمكن معرفة الأماكن السليمة بوجود ترخيص معلق على مدخل العيادة.
غالبا ما تطرح مسائل تأثير التشريعات التي تجرم البغاء أو عدم تجريمه أو تقنينه، على انتشار الاتجار بالأشخاص، وذلك في النقاش حول كيفية خفض الطلب على الاتجار لأغراض الاستغلال الجنسي، فنجد بعض الدول تجرم بيع الخدمات الجنسية وشراءها، والبعض الأخر يجرم واحد منها دون الأخر، وهنالك دول أخرى لا تجرم أيا منهما , وقد اختلفت الآراء حول اثر بيع الخدمات الجنسية أو شرائها على الاتجار بالبشر, فمنهم من يرى إن تجريم البيع والشراء في هذه الخدمات يؤدي إلى ردع الطلب عليها ويؤدي إلى إنقاص عدد ضحايا الاتجار نتيجة لاختفاء الطلب , وبالمقابل هناك رأي يرى العكس , حيث إن عدم التجريم يمكن إن يخضع العملية للتنظيم الرقابي وبالتالي تحسين سبل التعامل مع كيفية ردع الطلب. والمتفق عليه هو إن زيادة الطلب على الجنس مرتبطة بزيادة فرص السياحة الجنسية وزيادة المواقع الإباحية وتوسيع الخيارات المتاحة للمستهلكين من خلال سهولة استخدام الوسائل التكنولوجية ومنها الانترنت بما يسمح بزيادة فرصة عقد صفقات الاتجار بالبشر.