لقد فوجئت بالهجوم غير المبرر على الخارجية المصرية بعد قرار سحب مشروع الاستيطان الإسرائيلى بعد مكالمة الرئيس المنتخب دونالد ترامب الهاتفية للرئيس عبد الفتاح السيسي، ومحاولة إتاحة الفرصة أمام الإدارة الجديدة القادمة لمحاولة الوصول إلى حلول فى القضية الفلسطينية ومشروع الاستيطان اليهودى. وأعتقد أن الإدارة المصرية محنكة للغاية لأسباب عديدة، وإليكم وجهة نظرى فى نقاط قليلة:
1- توقيت عرض المشروع هو توقيت عبقرى، حيث حاولت الإدارة المصرية - من وجهة نظرى المتواضعة - أن تتجنب التصادم المحتمل مع إدارة دونالد ترامب بعرض المشروع قبل أسابيع قليلة من تجليس الرئيس المنتخب الجديد، والمعروف موقفة من الملف الإسرائيلى والذى عبر عنة جهارا فى خطابة أمام اللوبى اليهودى الـ AIPAC فى مارس ٢٠١٦، ويتمثل فى دعمة الكامل لإسرائيل.
وتجنب هذا التصادم يلعب فى مصلحة الدولة الفلسطينية أولا، كما يعمل على تجنب اختلاف وجهات النظر المتوقع بين الرئيس عبد الفتاح السيسي المهتم بالجانب الفلسطينى والرئيس المنتخب دونالد ترامب المهتم بالجانب الإسرائيلى. كما تلمست الإدارة المصرية التوتر بين إدارة الرئيس الحالى باراك أوباما مع دولة الاحتلال الإسرائيلى فاختارت التوقيت المناسب لتمرير المشروع .
2- استقبال المكالمة الهاتفية من الرئيس المنتخب دونالد ترامب للرئيس عبد الفتاح السيسي يعتبر إعلانا واضحا عن أهمية مصر وقوتها فى منطقة الشرق الأوسط، كما يدل على احترام ترامب للرأى المصرى ودورها التاريخى فى القضية الفلسطينية، كما يدل على اعتراف ترامب بضرورة مناقشة المشكلة عن طريق الجانب المصرى، مما يؤدى إلى تعزيز دور مصر الريادى فى القضية الفلسطينية، كما أعطى مصداقية الجانب المصرى فى محاولة إعطاء الفرصة لترامب لمناقشة القضية بعد وصوله للبيت الأبيض، مما يصب مباشرة فى مصلحة العلاقة المصرية الأمريكية، وكذلك القضية الفلسطينية.
3- هذه المكالمة تعتبر صفعة قوية على وجه باراك أوباما كنوع من التهميش والإعلان عن انتهاء صلاحية إدارته. ومن المتوقع أن العلاقات المصرية الأمريكية تكون فى أفضل حال لها، ولكن لا بد من الحذر الشديد فى الفترة المقبلة، حيث قد يزج الكارهون لمثل هذه العلاقة بالملف الإسرائيلى الذى قد يسبب صدعا فى العلاقة، نظرا لاختلاف موقف ترامب عن الموقف المصرى.
4- احتضان مجلس الأمن للمشروع بالرغم من محاولة مصر سحب الطلب بعد طلب من ترامب، يعد انتصارا دبلوماسيا للخارجية المصرية، وانتصارا للقضية الفلسطينية نظرا لاهتمام دول مجلس الأمن بالقضية الفلسطينية، ودور البعثة المصرية على مر التاريخ فى إعادة طرح القضية الفلسطينية.
5- حديث السفير المصرى عمرو أبو العطا، المبعوث الدائم للأمم المتحدة، عن أسباب سحب المشروع قبل التصويت عليه يعد شفافية مطلقة من الجانب المصرى بعرض الضغوط والمزايدات التى تعرضت لها البعثة المصرية، نتيجة لطرح المشروع .
أعتقد أنه يجب ألا نشكك فى مصداقية الإدارة المصرية لحل تلك المشكلة، وينبغى أن نعلم أن الكثير من مواقف الخارجية المصرية تعتمد على أوضاع أحيانا غير مصرح للحديث عنها فى الإعلام، نظرا لحساسية المواقف بين الدول المختلفة.